لقد نجح الاقتصاد في ازاحة عن صدارة اهتمام المجتمعات الدولية ،واضحى العالم يتحدث لغة الاقتصادبدل السياسة ،بل وأدهى من ذلك ان الاقتصاد يحكم السياسة ،وهذا يعني ان القرارات السياسية عادت رهينة حسابات المصالح الاقتصادية للدول والجماعات والافراد ،بل لم يعد غريبا بان الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات تصوغ القرارات السياسية،لذلك خضع العالم لفترة طويلة من الزمن لحروب طاحنة ،أزهقت الملايين من المدنيين ودمرت شعوبا وأبادت حضارات بأكملها حفاظا على مصالحها الاقتصادية .
ان مؤشر التغيير ينتقل من المواقع التقليدية في اوروبا والولايات المتحدة،ويتجه بسرعة لمنطقة آسيا وان المؤشرات المكرو اقتصادية العالمية ،تهاجر من المناطق
التي جثمت خلالها على الصدور طويلة نحو مناطق جديدة ،ليست هذه المرة غير منطقة آسيا ،الآخذة بالتغول معلنة عن دخول العالم في زمن اقتصادي عالمي جديد ،وكاشفة عن ان القرن الحالي سيكون قرنا آسيويا بامتياز .
فالتصنيف الجديد لدى مراكز الأبحاث البريطانية يؤكد سرعة الأقتصاد الأسيوي ،فبحلول عام2030ستتقدم كوريا واندونيسيا الى مواقع متقدمة،وتصبحان ضمن أقوى وأحسن عشر اقتصاديات في العالم،وسيلحقها تايوان وتايلاند والفلبين وباكستان،ويتعلق الامر بكل من الصين والهند واليابان وان الصين بحلول عام 2030م ستزيح اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية من المرتبة الاولى بشكل نهائي .
يؤكد التقرير ان الصين والهند والمكسيك وتركيا تمكنت بالفعل من تجاوز الدول الصناعية السبع الكبرى ،فيما يتعلق بالقدرة الشرائية ،ويقول هذا التقرير ان نسبة النمو خلال عام 2018في منطقة آسيا تزداد الى 5,4%بينما اقتصاد الولايات المتحدة لن يتجاوز 2,2% ،ويعزز كذلك صندوق النقد الدولي هذه الظاهرة أيضا ،ويؤكد ان الأسواق الاستهلاكية في هذا الجزء من العالم تمثل الأكبر والأقوى في العالم ،وان هذه القوة ستزداد بازدياد سكان المنطقة.
لقد أظهرت النتائج ان قمة التمدد الصيني هي نجاح بكل المعايير،حيث أصبحت الصين خلال سبعين عاما حاضرة في كل منطقة من العالم ،من خلال تجربة تنموية شاملة ،تم تطبيقها وفق تطور عقلاني مرن ، بحيث يكون التقدم آمنا من أزمات الرأسمالية العالمية المتتالية والدائمة،ومن ثم امتلاك قدرات توجيهية للأقتصاد تسرع او تبطئ من حيويته حسب الحاجة ،والايقع النموذج التنموي الصيني في اسر التبعية الاقتصادية للغرب ،ما يؤدي ان علاقات غير متوازنة بين الغرب الرأسمالي وبين الصين يكون من نتيجتها ان تظل الصين بحاجة ،ثم تمتلك نموذجا تنمويا قابلا للترويج وللانتشار في الدول التي تريد ان تتقدم خارج اطار التبعية للغرب .
ويؤكد الصينيون في هذا المقام حرصهم على توفير كل ما يلزم لهذه الدول في اطار شراكة طوعية لا قسرية .
لعل السر في انضباط هذا التصور منذ الثلث الاول من القرن التاسع عشر والى الآن ،هو ادراك القيادات الصينية المتعاقبة ان حلم التقدم في الحالة الصينية ،لا بد ان يتبع القاعدة"التطابق بين القوة المحسوبة والقوة المدركة والواقع "
ما يضمن قوة الصين المتنامية ومن ثم سوف نجد وفق القراءة التاريخية ان الصين تقدمت حسب القاعدة دوما .
وما ان تتخلى عنها يحدث التراجع حتما.
لتحقيق ما سبق مع تجربة التصنيع الحديث ،التي أطلقها زياو بينج في 1820،حيث كان مدركا للقوة الذاتية الصينية ،وحدودها وكيفية ادارتها .
ما ان تخلت الصين عن اتباع هذه القاعدة لأسباب كثيرة ،حتى تراجعت كليا ،لذا احتلت وتم السيطرة عليها عسكريا وغرق شعبها في ادمان الافيون والفقر ،وعليه كانت القاعدة الذهبية حول القوة الصينية حاضرة في ذهن ماو ومن جاء بعده ابو الاصلاحات الصينية رينج هيسباو بينج،ثم هو جنيتاو ،وشي جين بينج ،وسوف نلاحظ القوة المتطابقة ،المحسوب والمدرك والواقع ،مايضمن نموا دائما وفق عقلانية مرنة ذات عناصر ثلاثة ،الآمنة والمتحررة من التبعية والمتمددة في كل انحاءالعالم .
أما في روسيا فان نظام التشغيل الروسي الجديد استرا لينوكس ،فاتحة لعصر النظم السيادية والتشغيل للكومبيوتر،توضح أن اعلان روسيا أخيرا بأن جيشها سيصبح معتمدا كليا على نظام التشغيل أسترا لينوكس الذي يصنع تحت الاعيان القوية للمؤسسة العسكرية.
وهي مقعد اساسي في مفهوم سيادة الدول ،عبر مؤسسته وتولت تطويره المؤسسة العلمية الاستثمارية روسبت تيك ،وبينت أنها وضعت خطة للاستغناء عن نظام وندوز ،في الاجهزة الالكترونية للجيش كلها ،بما فيها هواتف الخلوي والكومبيوتر المحمول ولوح تابلت الالكتروني وغيرها .
وسجلت روسيا ان اول بلد يخرج من من السيطرة الواسعة لنظام ويندوز ،الذي تصنعه شركة مايكرو سوفت العملاقة.
للعلم ان روسبت تيك تعمل منذ اواخر 2010م على تطوير نسخ متنوعة من استرا لينوكس.