لا أساس لأي منطق يفترض بأن مؤسسة متكاملة وفاعلة منذ عقود كنقابة الصحفيين يمكن ان يؤثر عليها أي {إستطلاع} من أي نوع بصرف النظر عن الجهة التي نفذت الإستطلاع او النتائج الرقمية التي يتضمنها فالإستطلاعات بالعادة لا تتميز بمصداقية مطلقة وهي آلية يمكن نقاشها او قبولها أو رفضها. لا أساس للقول باننا كصحفيين لم نشعر بالفخر والزهو والأمل عندما تحركت نقابتنا بقوة وفعالية مؤخرا ضد إستهدافات طالت بعض الزملاء في حوادث معروفة دون ان يعني ذلك اننا لا نشعر بالإستغراب الشديد من بعض مواقف وبيانات النقابة سواء عندما تعلق الأمر بالموقف الغريب من قضية صحيفة {المجد} أو عندما تعلق بتبرير وقبول فكرة {إنضمام} موظفي الإدارة والمطابع في الصحف الكبرى لقائمة مراقبي المطبوعات قبل نشرها, او عندما تعلق بما تردد حول ترافع المستشار القانوني للنقابة في قضية مرفوعة ضد أحد أعضاء الهيئة العامة من قبل احد المسئولين او عندما تعلق الأمر بفكرة وجود إستطلاع يتحدث عن دور النقابة.
.. نقابة الصحفيين هي طليعة المؤسسات المدنية التي تدافع عن الحريات العامة وعن حقوق النقد البناء وبالتالي ينبغي ان تكون في الطليعة ايضا عندما يتعلق الأمر بأي نقد من أي جهة لأدائها ومواقفها,ومؤخرا وللأسف وأقولها بكل وجع ضميري بتنا نشعر بان نقابتنا لا تتحمل الرأي الأخر ويضيق صدرها بالنقد وهو أمر نفهمه في الحكومات والأحزاب والقبائل والأفراد لكنه يرقى لمستوى {الكارثة} عندما يتعلق بنقابة مهمتها الأساسية تدريب الأخرين على حريات النقد.
..ومن هنا فالقول بان الإستطلاع الذي نفذه مركز حماية وحريات الصحفيين مؤخرا {ينتقص} من دور نقابة الصحفيين قول سطحي للغاية ليس لإن {نقابتنا} عظيمة وعملاقة ودورها أساسي في مسيرة المهنة في المستوى الوطني ولكن لإن الإستطلاعات في الكثير من الأحيان تبرمج كإشارات للإستدلال يمكن أن نقبلها او نرفضها لكنها ينبغي ان لا تتحول إلى {فرصة} للإنقضاض على الأخرين او لتصفية أي حسابات خصوصا وان المركز المشار إليه لم يستهدف النقابة حصريا في أسئلته الإستطلاعية التي شملت العديد من المؤسسات الوطنية المعنية.
وتأسيسا على ذلك فليعذرني الزملاء في مجلس نقابة الصحفيين فأنا لم أفهم تماما المقصود في بيانهم الأخير الذي إستهدف إستطلاع مركز حماية وحريات الصحفيين وكعضو في الهيئة العامة اولا وعضو سابقا في مجلس النقابة ثانيا وجدت لزاما ان أطرح التساؤلات التالية بقصد الفهم والإطلاع :
حق النقابة مقدس في الإعتراض وحتى التشكيك بنتائج أي إستطلاع بصرف النظر عن الجهة التي نفذته.. لكن هل يعطي هذا الحق النقابة ومجلسها الحق في التشكيك بالجهة المنظمة للإستطلاع على النحو الذي قرأناه؟
لو كان منفذوا الإستطلاع لا علاقة لهم بمركز حماية وحريات الصحفيين تحديدا .. هل كانت النقابة ستصدر بيانا؟.. نفس السؤال بصيغة أخرى.. هناك على الأقل – على حد علمي- خمسة مراكز{مدنية} يديرها زملاء أعضاء في الهيئة الهامة تتلقى تمويلا أجنبيا فهل كانت النقابة ستتخذ نفس الموقف لو صدر نفس الإستطلاع عن أي من هذه المراكز؟.
ما دامت النقابة معترضة على جزئية لها علاقة بنتائج الأسئلة ذات الصلة بها فما هو مبرر خلط الماء بالزيت والتعرض {الخجول} لقصة التمويل الأجنبي وتكرار تلميحات وتهديدات سمعناها في الماضي تحت نفس العنوان علما بان النقابة تعرف تمام المعرفة بان قصة التمويل الأجنبي برمتها جدلية وفيها نفاش على المستوى الوطني؟.
لماذا لا تقدم لنا النقابة كهيئة عامة نموذجا علميا للإستطلاع تنفذه هي بحكم إمكاناتها التي تفوق بما لايقارن إمكانات كل المراكز التي توصف بأنها متمولة؟ بهدف إطلاعنا على حقيقة الدور الذي يخفى علينا خصوصا وان 195 زميلا من أعضاء الهيئة العامة شاركوا في الإجابة على إسئلة الإستطلاع قيد النقد والتجريح, فهؤلاء وغيرهم يمكن ان يجيبوا على أسئلة إستطلاعية عبر نقابتهم.
لماذا لم تعترض النقابة على نتائج الإستطلاع المتعلقة بالمركز الأردني للإعلام او بالمجلس الإعلى او بهيئة المرئي والمسموع؟.. ولماذا لم تشكك النقابة بكل نتائج الإستطلاع برمتها وإختارت فقط الأرقام التي تخصها؟.
نتائج الإستطلاع الأخير قريبة جدا بل مكررة أحيانا من نتائج أربعة إستطلاعات نفذها نفس المركز في الماضي وقد كنت شخصيا طرفا في تنفيذ بعضها وانا عضو منتخب في مجلس النقابة فلماذا قررت النقابة الأن فقط الإعتراض؟. وهل من حقنا القول بان ثمة شيئا لا نعرفه كهيئة عامة تنطق النقابة بإسمنا؟.
.. مختصر القول .. نقابة الصحفيين ..نقابتنا.. يديرها أفراد منتخبون وهؤلاء بشر مثلنا يصيبون ويخطئون ,وبالتالي فمسيرتها وأدائها مسائل قابلة للنقاش ونصوصها ليست منزلة وهذه النقابة هي بيتنا الأول كصحفيين وليس الثاني ولديها بكل تأكيد منجزات نفاخر بها وعايشت {إخفاقات} نتحدث عنها جميعا بين الحين والأخر لكن كل ذلك لا يعطيها الحق بان تقدم لنا{نصف الحقيقة} فقط فمشهد الناطق الرسمي وهو يرفض التعليق على منع طباعة صحيفة المجد مستندا إلى ما قالته النقابة كان مشهدا{مؤذيا} لنا كصحفيين مع كل الإحترام لكل من ينطق سواء بإسم الحكومة او بإسم النقابة ولن نزاود هنا على عضو المجلس ماجد توبة الذي فكر بالإستقالة وأصدر بيانا يستنكر فيه علنا موقف مجلس النقابة من قصة {المجد}.
وبكل صراحة انا لا أعرف حتى الأن سببا مهنيا او وطنيا او حتى أمنيا يمنع نقابة الصحفيين من تنظيم ورشة عمل او حلقات تدريب مهنية او حتى تنفيذ إستطلاع بحثي بحيث تخطف الأضواء والمبادرة من {المتمولين} الذين تعتبرهم النقابة مشبوهين ولديهم اجندات مضادة لمصالح الأردنيين وصحافتهم {البائسة} وبحيث تخلق واقعا لا يسمح بإختراقات.
بصراحة.. أفهم ان نقابة الصحفيين لسبب لا أفهمه لا انا ولا الزملاء لا تريد التخطيط لورشة عمل تدريبية ولا تفكر بمؤتمر موسع يناقش الحريات الإعلامية في المملكة .. ولا ترغب في التفكير بحلقات {إبداعية} لرفع سوية الزملاء المهنية.. أفهم ان إنشغالات النقابة أهم وأجل وأرفع .. لكن ما لا أقوى على فهمه .. لماذا نريد منع الأخرين من العمل ؟.. من غير المنصف ولا العادل ان نمارس حقنا في {أن لا نعمل} في مجالات التدريب ثم نمارس حقا منحناه لأنفسنا في منع غيرنا من العمل في نفس المجالات والذريعة دوما جاهزة.. الأجندات الخاصة.. والتمويل.. والتربح.. ومن غير المنصف على الإطلاق إستخدام سيف النقابة في حالات محددة ثم إعادته لغمده الأبدي في معظم الحالات الأخرى.
وأخيرا .. كل الإحترام والمودة الأخوية لنقيبنا {الطيب} صاحب المبادرات الخلاقة أحيانا في الدفاع عن حرياتنا ولنائب النقيب ولأعضاء المجلس الكرام .. وألله من وراء القصد وللجميع التحية.