إسرائيليون يقودون مقاطعة مستعمرتهم
حمادة فراعنة
21-12-2018 12:13 AM
لم يكن قرار حكومة المستعمرة الإسرائيلية بإدارة المتطرف العنصري نتنياهو بتشكيل خلية أزمة لمتابعة ومعالجة ذيول حركة المقاطعة B.D.S الدولية المنتشرة أساساً في صفوف الجامعات الأوروبية والأميركية والهادفة إلى مقاطعة مؤسسات المستعمرة الإسرائيلية الأكاديمية والتجارية، لم يكن دوافعها من قبل تل أبيب اقتصادية للضرر المادي الذي تسببه حركة المقاطعة على أهمية الأذى المادي الذي تسببه، بل يعود ذلك إلى الأذى المعنوي والأخلاقي والسياسي الذي يترك أثاره في أوروبا وأميركا وهما مصدر شرعية الفكرة الصهيونية وولادتها بإقامة مستعمرتها على أرض فلسطين العربية الإسلامية المسيحية، واحتلالها، وطرد نصف شعبها إلى خارج وطنه وتحويلهم إلى لاجئين بلا وطن وبلا رعاية إلا من جانب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا الذي عمل وحرض الرئيس الأميركي ترامب وفريقه الصهيوني في إدارته على إلغائها وشطبها؛ لأنها عنوان حق وعدالة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم في اللد والرملة ويافا وعكا وحيفا وصفد وطبريا وبئر السبع.
الطالبة روز أساف اليهودية الإسرائيلية في جامعة نيويورك تنشط سياسياً تحت يافطة منظمة طلابية تُدعي « الصوت اليهودي للسلام : JVP عملت بالتنسيق مع حشد من طلاب الجامعة ومنظماتهم التقدمية لإقرار مشروع قرار من قبل الطلاب وهيئة التدريس والإدارة، بما فيهم مجلس الجامعة على التوالي، يدعو إلى مقاطعة الشركات الأميركية التي تتعاون أو تعمل أو تنشط مع مثيلاتها الإسرائيلية، معتمدين في ذلك على قرار مماثل سبق وأن دعا له وصوت عليه مجلس طلبة جامعة نيويورك عام 1985 لمقاطعة مؤسسات ونشاطات دولة جنوب أفريقيا العنصرية ونظام الفصل العنصري الأبرتهايد الذي كان سائداً في تلك الأيام قبل الاندثار والهزيمة.
وتقول الطالبة اليهودية الإسرائيلية في تلخيص موقفها أنها ترى ضرورة عرض القضية الفلسطينية من خلال إسرائيليين لأنه « عندما يتحدث اليهود الإسرائيليون عن مثل هذه المواضيع ينصت الناس لهم، ولذلك من المهم لي استخدام صوتي لمساندة الفلسطينيين « وهذا هو مصدر قلق نتنياهو وقادة المستعمرة الإسرائيلية لسببين :
أولهما : لأن ينتشر الفهم والوعي الأوروبي والأميركي على حقيقة الصهيونية كحركة استعمارية استغلتْ مذابح النازية ضد اليهود، حجة لإقامة وطن لهم أخر غير البلدان التي كانوا يعيشون فيها، وتم ذلك على حساب وطن الفلسطينيين، واحتلال واضطهاد نصفهم، وطرد وتشريد نصفهم الأخر، ومصادرة حقوقهم ونهب ثروات بلدهم.
وثانيهما : أن يقف يهود ليعلنوا مناصرتهم للشعب الفلسطيني وعدالة قضيته وشرعية مطالبه بالعودة للاجئين المشردين واستعادة ممتلكاتهم المنهوبة المصادرة، وحق الذين بقوا على أرض وطنهم بالمساواة والحرية والاستقلال إما من خلال تقسيم فلسطين إلى دولتين متجاورتين، أو تقاسم السلطة ضمن دولة واحدة ديمقراطية للشعبين وفق إفرازات صناديق الاقتراع ونتائجها.
قلق نتنياهو وعصابة المستوطنين المستعمرين معه، لحركة المقاطعة الدولية B.D.S له ما يبرره؛ لأنها تفقدهم شرعية دوافعهم وتأثيرهم على المجتمعات الأوروبية والأميركية التي ما زالت روافع قوية وهامة للمستعمرة الإسرائيلية، وبالتالي خلخلتها وإزالة أعمدة الاعتماد عليها يجعلها مثل جنوب أفريقيا أيله للسقوط والانهيار والهزيمة، وهذا ما سوف يجتاحهم معنوياً ومادياً ولو بعد حين؛ لأن مشروع مستعمرتهم بُني على باطل واستعمار وعنصرية ولسوف يزول؛ لأنه يفتقد للحق وللعدالة وللشرعية. (الدستور)