من الكوارث التي حلت بالعرب والمسلمين, إحتلال الصليبين لبيت المقدس في 13شعبان 492الهجري 1571099م ,وأقامتهم فيها وما عرفت بالمملكة اللأتينية . وكان قيام هذه المملكة تأكيداً عدائياً الذي يحمله الغرب الصليبي للشرق العربي .وكان الغرض من أقامتها أيضاً أن تكون قاعدة للغرب في الشرق وقد أقاموا في قلب وطننا مدة تسعين يوماً , إلى أن قضى عليه السلطان صلاح الدين الأيوبي .
وكان صلاح الدين الأيوبي واضح الرؤية ,بالأضافة الى شجاعته وتفانيه ,فقد أدرك قبل أن يشتبك بالصليبيين في معركة فاصلة ,أنه لا بد من أن يجمع كلمة الأمارات الأسلامية التي كان يفتك في عضدها التنافس والتعادي ,فإذا تحقق له هذا خاض المعركة مع الصليبيين ,وكان صلاح الدين يرى أيضاً انه لا يستطيع أن يطرد الصليبيين من المشرق العربي الا اذا قضى على المملكة اللأتينية القائمة في بيت المقدس .
وبدأ بتوجيه همه الى توحيد الجهود ضد الأفرنج, فنجح في ضم أمارات الجزيرة كلها الى صفه ,وأقام كتلة أسلامية موحدة تمتد من ديار بكر وحدود أسيا الصغرى الى القاهرة . وهكذا أصبحت الأمور جاهزة لخوض المعركة .
وفي اليوم الرابع والعشرين من ربيع الاول من عام 583الهجري تحرك صلاح الدين الأيوبي على رأس جيشه ليقابل جيشاً من الفرنج يبلغ عدده خمسين الف مقاتل ,والتقى بهم في سهل حطين بالقرب من طبريا ,وبعد قتال شديد كتب النصر للمسلمين "فأستولوا على خيمة ملكهم ,وعلى الصليب الكبير المسمى صليب الصلبوت وهو الذي يزعمون أن فيه قطعة من الخشب التي صلب عليها السيد المسيح ,وأسر سائر الأمراء والفرسان الفرنج , وفي مقدمتهم ملك بيت المقدس رينو دي شاتيون ومقدم الأسبتارية ,وعدد كبير من الفرسان .وآخذ الامرآء والأسرى الى خيمة السلطان فقتل السلطان بيده رينو دي شانيون ,أمير الكرك ,وفاء لنذره وجزاء له على غدره المتكرر ,وجرأته المثيرة في محاولة قطع طريق الحج ,والسير الى قبر الرسول بقصد الأعتداء عليه .وكان نصراً عظيماً لم يسمع به منذ قدوم الصليبيين الى المشرق"
وفي منتصف شهر رجب من سنة 583الهجري أشرف صلاح الدين الأيوبي بجيشه على بيت المقدس فسلمت له المدينة على أن يؤمن الفرنج في أملاكهم وارواحهم ,وهكذا دخل المسلمين المدينة المقدسة سلمياً لم ترق فيه دماء ,ولم ترتكب فيه آثام . مقارنة بما فعل الأفرنج من قتل وارتكبوا الآثام حين دخلوا المدينة سنة 1099م. ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون 40 يوماً بعد دفع الفدية مقدارها عشرة دنانير ذهبية عن كل رجل وخمسة دنانير ذهبية عن كل امرأة ودينار واحد عن كل طفل .
والواقع إن معركة حطين هي أهم المواقع الحاسمة في الحروب الصليبية .
إن قيام المملكة اللأتينية الصليبية في القدس لم تكن إلا نتيجة خلافات الدول الاسلامية التي أستطاع صلاح الدين الأيوبي أن يجمع كلمتهم على عدوها المشترك ,
وهذه كانت عبرة التاريخ في هذه المحنة المؤلمة في تاريخ العرب والاسلام وموقف من المواقف الحاسمة في تاريخ الاسلام