لما كُرمت خارجيا وأُهملت أردنيا؟
09-05-2007 03:00 AM
(نرجو أن نخرج يوما بنتيجة "اين التقصير" ). الأسبوع الماضي كرمت الطفلة لما أيمن الخباص في دولة قطر الشقيقة ، وأعلن مكتب الأميرة موزة تبني الطفلة الاردنية الموهوبة ،وذلك لأن الطفلة لما أصدرت ديوناً شعرياً، وهي لم تتجاوز العاشرة من عمرها .
وقام بتقديم الديوان كل من الدكتور إبراهيم خليل ، والشاعر الكبير حكمت النوايسة، هذا ما يحملنا بأن نتوجه بالشكر العظيم لها ، لكن يجب بعد الشكر أن نطرح السؤال المهم : بما أن الطفلة الأردنية لما لم تُكرم في وطنها أو لماذا لم تتبن الهيئات الثقافية الاردنية ديوانها المخطوط القادم ؟ ، وأين مراكز الطفولة والرعاية التي تستنزف أموال الميزانية دون رعاية طفلة موهوبة مثل لما؟
وبفضل الله فأنا كنت من وقف بجانب هذه الطفلة ورعايتها ، وأعددت ديوانها الأول-بمعاونة نخبة من الاصدقاء- وهيأت لها الديوان الثاني وواجهنا أنا ووالدها خلال فترة أربعة اشهر بالمعاناة الكبيرة حتى اخترت أفضل ما كتبت وإصداره كديوان، بعد تدقيقه لغوياً من بعض الشعراء ، ولهذا سأتحدث عن الإهمال الذي عانيناه لأن الطفلة ليست ابنة مسؤول أو والدها يملك واسطات بل إنسان بسيط وما حدث معنا في الفترة الماضية يجعلنا نحاسب الهيئات "الشكلية" عن تقصيرها سيما أنها تدعي دوما غياب الإبداع الطفولي وتشكوا شح كتابة أدب الطفل فكيف عندما يكون الطفل أردنياً ويمتلك موهبة مبكرة جداً .
في البداية لا بد من ذكر بعض الكتاب والشعراء اللذين وقفوا بجانب هذه الطفلة الموهوبة ومنهم الدكتور إبراهيم خليل و الشعراء حكمت النوايسة و أحمد العموش و ضيف الله العنانزة ، ومحمد جمال عمرو والقاصة سناء الشعلان .
فقد قام والد الطفلة بطباعة ألف نسخة على نفقته الخاصة ، وأقام حفل توقيع بأسرة أدباء المستقبل على نفقته الخاصة ، وقمت أنا شخصيا بتوزيعه على وزارة الثقافة و الدائرة الثقافية بأمانة عمان وعلى عدد كبير من الشعراء ولم نسمع أو يوجه لنا أي نصح أو تبني ثقافي أو حتى تشجيع أو دعم مادي لنتاج طفلة قدمت موهبة مبكرة جداً ، والتي امتلكت ولاءً مبكرا .
من أغرب الأشياء أني أهديت نسخة مخطوطة للديوان القادم والذي سيسمى "أرجوحتي" وهو ديوان شعر موجه للأطفال ، إلى وزارة الثقافة، وهو نفس الديوان الذي تبنته الأميرة موزة وقدمت أيضا نسخة لمديرة دائرة الطفل بالوزارة ، والتي اكتفت بكلمة" حلو".
التلفزيون الأردني لم يقصر فقد استضاف الطفلة وأعطاها دقيقة من برنامج يسعد صباحك ،بينما استضاف تلفزيوني " mbc" لما في برنامج كلام نواعم لمدة ربع ساعة وقامت قناة الجزيرة أيضا باستضافتها في "الجزيرة هذا الصباح طبعا ليس لدقيقة مثل التلفزيون الأردني بل لمدة عشر دقائق وتم التعامل معها بشكل تقني بحضور شاعر لبناني كبير " شوقي بزيع" ليناقش الموهبة.
والأكثر عجباً أن مجلتي دبي الثقافية و الجسرة القطرية ومجلات خليجية عديدة قامت بإجراء لقاءين موسعين مع لما، بينما لم ينتبه لها أي صحفي محلي سوى مجلة الشباب التابعة للمجلس الأعلى للشباب ومجلة السفيرة، وقمت باهداء الكاتبة ملك التل نسخة من الديوان فكتبت عنه في ملحق الرأي يوم السبت ، بينما مجلة تايكي التي يُفرض أنها مخصصة للأدب النسوي وتستنزف مبالغ كبيرة لكل عدد لنشر ثقافة الكتابة النسوية والتي لم تنشر حتى خبر صغير عن الكاتبة –النسوية – وذلك من البديهي للعارفين بحال المجلة التي تُنتج لأصدقاء رئيسة التحرير التي قمت بإهدائها نسخة ولأعضاء التحرير نسختين وزلنا ننتظر خبرا صغيرا ولهذه المجلة وقفة خاصة مع بعثرة أموال أمانة عمان .
من المواقف المضحكة المبكية ما حدث بحفلة توقيع كتاب يوسف غيشان وأحمد الزعبي حيث توجهت لحضور حفلة توقيع كتاب الصديقين المبدعين، وكانت لما دعيت معي من أحد المسؤولات في المعهد المنظم لحفل التوقيع وهو معهد تضامني مع النساء، وكانت طلبت منها إحضار مخطوطها الاول ، وقبل أن ينتهي الحفل رمت المسؤولة تلك، المخطوط تحت الأرض و شنت علَّي هجوم كلامي لأني وصفت الطفلة بأنها الشاعرة الصغيرة وأنا اعُرفها للناقد نزيه أبو نضال والذي أهديته نسخة من الديوان وتمنيت أن يكتب عن الطفلة مثلما كتب عن بعض المواهب الأخرى .
لا أقصد في هذا المقال التنفيس عن الإهمال أو المفاخرة لأنني ساعدت الطفلة بقدراتي البسيطة بينما ُيهمل الموهوبون من الشعراء الكبار ، ولكنها حسرة لكل موهبة أردنية في شتى المجالات عندما تُحَارب وتُهمَل وتوضع بالهامش بينما تنال العناية والرعاية في الخارج ومن ثم يكرم اللذين لا يملكون إبداع.
في و طننا موهبتك وإبداعك هي "شلتك" معارفك، واسطتك ، محسوبيتك قريبك وليس الموهبة والإبداع الحقيقي .
لم نعتبر من عشرات الموهوبين الذين هربوا من قمع التلفزيون وتميزوا في الخارج أو في الصحف ، ولم نعتبر من خسارة ديانا كرزون في الأردن وفوزها في لبنان أو لنقل بصراحة فاضحة أن الكاتب رمضان الرواشدة لم توفق إحدى الهيئات على دعم نشر روايته"الحمراوي " وفازت بجائزة عربية .
ولو تتبعنا لوجدنا مئات الأسماء والسؤال الأهم هل سنحاسب مثلما يفعل كل العالم عندما يكشتفون تقصيرا ما ونُطلق حملة "اين التقصير"
Omar_shahee78@yahoo.com