المشهد الاخير للاقتصاد الوطني ومحاولة البعض العبث بالامن الاقتصادي والاجتماعي لولا حزم ويقظة مؤسسات واجهزة الرقابة المختلفة تدفع باتجاه معرفة كيف تسلل هؤلاء المخربون الى اقتصادنا?
تحت غطاء الاستثمار الاجنبي تحالف عدد من كبار المضاربين والمرابين مع عدد من رموز الليبرالية الجديدة المتوغلين حينها بالسلطة والمسيطرين على عدد كبير من مراكز صنع القرار, واستطاع هؤلاء الضغط على الحكومات المختلفة بازالة جميع المعوقات الادارية او القانونية التي تحول دون اندماج تلك الفئة المخربة بالاقتصاد الاردني, وكانت التحالفات مبنية على اساس المصلحة الخاصة وما يصب في جيب تلك الفئة الليبرالية التي تدعي الاصلاح والتغيير وتتخذه شعارا لتضلل به الرأي العام من اجل التستر على اعمالها غير المشروعة حيث وظفت عددا من الاعلاميين ومراسلي الصحف العربية للدفاع عن توجهاتهم على اعتبار انهم اصلاحيون.
دخول بعض الشخصيات العراقية للاقتصاد الاردني من خلال السماح لها بتملك حصص مؤثرة في الشركات الاردنية كان نتيجة تواطؤ مع عدد من كبار المسؤولين المتنفذين الذين مارسوا ابشع صور الابتزاز والضغط على الحكومة من اجل التغاضي عن ابرام تلك الصفقات المشبوهة, وقد نجحوا في ذلك واستطاعوا تجميد تنفيذ العديد من القوانين والانظمة.
اقطاب الليبرالية الفاسدة واصحاب مدرسة التنظير للاقتصاد الفهلوي لا يبالون اليوم بحجم التحديات التي وضعوها امام الاقتصاد الاردني, فالذي يهمهم هو انقاذ شركاتهم المتعثرة وزيادة ارباحهم وتعويض خسائرهم بالبورصات العالمية وبناء منازل باتت معالم في عمان علما ان ساكنيها يجب ان يحاكموا ويكونوا في زنازين بدلا من تلك القصور التي شيدوها بأموال الاردنيين.
لن تقوى حكومة بعينها على محاربة الاعمال التي قامت بها تلك الفئة, فقد عملوا على تأسيس فكر توغل في معظم الانشطة وباتت مؤسسات تسير في ركبه واعلاميون ومراسلو صحف عربية يدافعون عنه, فمكافحة هذا الفكر لا تتم الا من خلال برنامج اقتصادي وطني.
افكار الليبرالية الفاسدة هي التي أسست لعجز مزمن وخطير في الموازنة بعد ان دفعت بأموال المساعدات الى مشاريع غير انتاجية وتأسيس موازنات فرعية خارج رقابة الحكومة والبرلمان, واستخدام اموال التخاصية في اوقات غير سليمة ادت الى هدر الفوائد بعد الدفع الى بيع ممتلكات الاردنيين في الشركات الكبرى بأثمان لا تعادل ربح سنة واحدة لاحدى الشركات.
الليبرالية الفاسدة التي قادها متوغلون في الساحة المحلية تواطأوا فيما بينهم لبيع منشآت وطنية باتت رمزا في المملكة مثل المدينة الطبية ومجمع القيادة لا بل تخطو ذلك الى محاولاتهم المتكررة بيع الغابات واحراج تل الرمان بحجة الاستثمار الاجنبي.
الجدير في مجلس النواب الحالي ان يعيد تقييم السياسات السابقة التي اوصلتنا الى ما نحن فيه من تحديات وقلق اقتصادي واجتماعي واستنزاف موارد الدولة, فالمحاسبة هي الاساس لأية عملية تنموية مستقبلية, فلا يعقل ان نبحث خططنا المستقبلية من دون ان نمتلك ادنى معرفة بنتائج المرحلة السابقة, الشارع يتطلع الى محاسبة من دفعوا به الى هذا الاتجاه, ويريد ان يرى كيف يبرر من كان مسؤولا عن التنظير الاقتصادي ثراءه الفاحش مع تردي الاوضاع الاقتصادية, ولمصلحة من كان يعمل, حينها سنكتشف ان الاردنيين كانوا يعيشون في كذبة كبيرة قادها ليبراليون فاسدون.
salamah.darawi@gmail.com
عن العرب اليوم.