حتى لا تضيع بوصلة قضايانا
سميح المعايطة
22-07-2009 03:20 PM
لا تكاد تخلو الساحة الاردنية من حين لآخر من جدل يتعلق بالعلاقة الأردنية الفلسطينية بكل تفاصيلها وأبعادها, سواء فكرة الفدرالية أو الكونفدرالية، أو قضايا الوطن البديل أو القضايا الخاصة بتطبيق تعليمات فك الارتباط او الحقوق المنقوصة او منح الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين, وغيرها من الأسماء العلنية او الحركية لهذه القضايا، وهي قضايا تتبناها احيانا نخب ضمن معادلات بقائها ونفوذها داخل الساحة السياسية، وأحيانا لأسباب اخرى.
الإسرائيليون لا يخفون نواياهم بأنهم يريدون حلا لقضايا الفلسطينيين خارج فلسطين، وعلى حساب دول اخرى في مقدمتها الأردن وكل العناوين التي يطرحها الطرف الصهيوني من فدرالية أو توطين مباشر او غير مباشر او تحويل اولويات الشعب الفلسطيني في الخارج لتكون نحو حقوق سياسية خارج اطار دولتهم وارضهم وهويتهم.
إذا اتفقنا على هذا المعيار كان من السهل أن نتخذ مواقف واضحة تخدمنا جميعا، أردنيين وفلسطينيين، وتفوّت الفرصة على العدو الصهيوني، وإذا اتفقنا فإننا ننتقل من المواقف العامة النظرية التي نعلنها جميعا في رفض التوطين والوطن البديل والتهويد وتضييع حق العودة إلى العمل الجاد والمواقف العملية، لأنه لا قيمة لأي موقف يرفض نظرياً التوطين، ثم يذهب باتجاه أي خطوة تُجذِّر هوية سياسية للفلسطيني خارج ارضه في أي مكان، او أي خطوة تكون محصلتها أن يفقد أي فلسطيني حقه في الإقامة في وطنه تحت أي مبرر، لأننا في صراعنا جميعا مع المحتل نعلم انه يزاحم أبناء الشعب الفلسطيني على كل شبر من أرضهم ويعمل بكل الوسائل لدفع كل فلسطيني لترك أرضه وأن يفقد حقوقه كمواطن أو أن تتحول معركة أي فلسطيني في العالم إلى أن يكتسب حقوقا سياسية ووطنية خارج أرضه وأن تصبح أولويته على السلطة في ساحة أخرى خارج فلسطين.
يفترض أن نتفق جميعاً على أنّ من حق كل فلسطيني يعيش خارج أرضه في أرض عربية أن يعيش حياة إنسانية كريمة، وأن يوفر له الأشقاء فرص الحياة الطبيعية، لكن عندما يتعلق الأمر بالهوية والحق الوطني والسياسي فإننا يجب أن نعرض مواقفنا وتحركاتنا على مدى خدمة هذه المواقف للمشروع الصهيوني وأن تقف جميعاً في خندق واحد لتفويت الفرصة على الاحتلال في تحقيق أي نصر سياسي او توطين أي فلسطيني خارج أرضه أو تهجير أي فلسطيني وإفقاده قدرته على الإقامة في وطنه، لأن بديل كل فلسطيني يفقد وجوده في أرضه مستوطن، وبديل كل حق سياسي ووطني خارج الارض الفلسطينية تحقيق لفكرة التوطين عمليا حتى لو رفضناها نظرياً.
حتى لا ندخل، جدلاً، مع كل قضية جزئية، وحتى لا نفتح أبواباً تضر بنا، اردنيين وفلسطينيين، في علاقاتنا الوحدوية وشأننا الاردني الداخلي فإن المعيار الذي يجب أن نتفق عليه ونحتكم إليه في إصدار حكم على أي قضية هو مقدار انسجام هذه الخطوات مع مواجهة الخطوات والسياسات الصهيونية, وأن يكون هدفنا ليس تحقيق مصالح نخب، بل مواجهة عدونا المشترك الذي مازالت معركتنا معه مفتوحة حتى يعود للفلسطيني حقه في ارضه ودولته وحقه في أن يعود إلى وطنه وأن يكون كل هذا تحقيقا للهوية الفلسطينية على ارض فلسطين وقتلا لفكرة الوطن البديل والتوطين.
ما دامت المعركة مفتوحة فالعدو واحد لنا جميعا، وكل من يفتح معارك وهمية او يذهب بأي اتجاه يخدم، ولو بحسن نية، الاهداف الصهيونية فإنه لا يخوض معركة الأردني ولا الفلسطيني ولا معركة الأمة.
فلنجعل بوصلة معاركنا باتجاه واحد وهو مواجهة المحتل وإفشال مخططاته. فكل المعارك الأخرى لا تخلو من الهوى والمصالح الضيقة وخدمة فكرة التوطين والوطن البديل وتضييع الحق الفلسطيني.(الغد)
sameeh.almaitah@alghad.jo