المستثمرون العراقيون: لا أحد فوق القانون
جمانة غنيمات
22-07-2009 05:52 AM
لقي قرار هيئة الأوراق المالية والقاضي بمنع بعض المستثمرين العراقيين من التعامل بأسهم البنوك وأسهم الشركات المساهمة العامة ذات الملكية المؤثرة في البنوك، استحسانا لدى العديد من الأوساط الاقتصادية.
الارتياح للقرار جاء نتيجة حالة الخوف والقلق التي استشعرها العديد من المستثمرين الناشطين في السوق والذين عاشوا أجواء لم تكن مطمئنة خلال الفترة الماضية، بسبب حالة التذبذب الكبيرة التي مرت بها السوق نتيجة مسلكيات هؤلاء المستثمرين.
أهمية القرار أن المنع لا يقتصر على المستثمرين الثلاثة الذين وردت أسماؤهم في إفصاح الهيئة، وهم: سعد سعدون محمود البنية وهو عراقي الجنسية، وسامر علي خليف الشواورة وهو أردني الجنسية، ونصر عبدالغني محمود محمود وهو عراقي الجنسية، بل إن للقرار محاسن عديدة تشمل كل من يجرؤ على الإضرار بحركية الاقتصاد الوطني.
لا شك أن قرار الهيئة يتسم بالحكمة، ويعكس القدرة على قراءة المستقبل، وحماية المنجزات الاقتصادية، حيث سعى هؤلاء المستثمرون إلى إحكام السيطرة على بعض البنوك المحلية والسيطرة عليها.
المخاوف الحكومية مبررة ومقنعة، لا سيما وأن هناك خشية من حدوث عمليات استحواذ من قبل مستثمرين غير أردنيين، على بنكي "الاتحاد" و"الصادرات والتمويل"، ما يجعل هذا القرار سبيلا للسيطرة على بعض الأمور.
مثل هذا القرار يقدم رسالة واضحة وقوية لكل من يعمل في السوق للنأي عن عمليات المضاربة التي أدت إلى خسارة الآلاف من صغار المستثمرين أموالهم، وأخرجتهم من السوق بخفي حنين، بعد أن فشلوا في الصمود أمام كل هذه الممارسات غير المهنية وغير المسؤولة.
ويبدو أن القلق الذي يساور البعض حول انزلاق السوق وتهاويها نتيجة للقرار أمر غير وارد البتة، فالمعلومات الواردة من السوق ومن مستثمرين فيها تؤكد أن الخروج من السوق في الوقت الحالي أمر صعب ومكلف، ما يعني أن تدهور البورصة التي عانت خلال الفترة الماضية الكثير لن يكون ملحوظا، لا سيما وأنها خسرت ما يزيد على 13% من قيمتها خلال الأشهر الماضية رغم وجود هؤلاء المستثمرين فيها.
وينتقد بعضهم هذا القرار كونه ينفر المستثمرين ويدفعهم للخروج من السوق، لكنّ الرافضين تناسوا في غمرة بحثهم عن ربح خاص أن الاستثمار الذي تحتاجه البورصة هو الاستثمار طويل الأمد الذي يؤسس لسوق قوية قادرة على الصمود حتى في وجه تبعات الأزمة المالية.
الخسارة من خروج هؤلاء المستثمرين على الاقتصاد أقل بكثير مما يتوقع البعض، بخاصة أنهم غفلوا عن أن هؤلاء المستثمرين لم يؤسسوا مشاريع، أو أنهم لم يوفروا فرص عمل ساهمت في تنشيط الاقتصاد وقلصت من معدلات الفقر.
منع المستثمرين العراقيين من التعامل ببعض الأسهم يعيد إلى البال ما جرى مع المستثمر العراقي حسن كبة بعد أن قرر محافظ البنك المركزي حل مجلس إدارة بنك المال الأردني الذي يرأس مجلس إدارته المستثمر العراقي حرصا على البنك وحماية له.
التقارب الزمني بين القرارين يؤشر إلى أن الآثار السلبية لمثل هذه الاستثمارات كبيرة وضخمة، ولا يقدر الاقتصاد على تحملها في هذه الفترة، لذا كان يلزم وضع حد لكل هذه الأخطاء.
العراقيون ضيوف أعزاء على الأردن شريطة الامتثال لدولة القانون والمؤسسات، وشريطة عدم المساس بالتشريعات، وبخاصة الاقتصادية، لأن تلك التشريعات هي التي وفرت لهم مناخا من العمل والحركة والأمان عزّ نظيره في البلدان العربية.