facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الزوابع المفتعلة والعين الرمداء


محمد حسن التل
22-07-2009 05:07 AM

لم يعد مفهوما معنى لتلك الزوابع التي تهب في وجوهنا بين الحين والآخر ، ولم يعد مفهوما ايضا استغلال البعض لهذه الزوابع ، التي لا تتعدى الحراك الطبيعي في اي مجتمع سليم ومعافى.

مجتمعنا الاردني يتميز بتنوعه ، كما يمتاز بالتعددية الفكرية والسياسية ، وسط اجواء من الحرية المعقولة في التعبير والانتماء ، ولكن وللاسف ، اعتدنا على تضخيم الامور واعطائها اكثر من حجمها ، فاذا تحدث ضابط اسرائيلي مغمور ومأفون ، عن اوهام ما يسمى "الوطن البديل" ، انطلقت التصريحات ودبجت المقالات وعقدت الندوات ، لمناقشة - على حد تعبير البعض - تطور هذا الوضع على الاردن،. وان الاردن يجب ان يعيد حساباته ، وانه يجب.. ويجب.

واذا صمتت الجهات الرسمية عن هذه التصريحات وتجاهلتها لسخفها ، خرج البعض ليتحدث عن الصمت المريب والتواطؤ مع المؤامرة، ، واذا صدر اي تصريح يرد على هذه الترّهات ، جاء من ينتقد هذه التصريحات ويصفها بالضعف والتردد،،. ويأتيك اخرليتحدث عن ضرورة تثبيت جبهتنا الداخلية وكأننا نعيش في بيت العنكبوت.

هؤلاء ينظرون الى الاردن من عين رمداء ، ويحاولون اظهاره كياناً لا اساس له ، وهو حقيقة من اكثر الكيانات العربية شرعية وثباتا ، ولو ان الاحداث التي مرّت عليه ، مرّت على دولة اخرى ، لاختفت عن الخريطة منذ امد بعيد.

من قال يوماً إن إسرائيل ومنظماتها المنتشرة في كل الغرب ، ليس لها مطامع في الأردن تاريخياً؟ ، ولكن أيضاً من يجرؤ على القول إن إسرائيل ليست لها مطامع في كل الدول والوطن العربي؟. هل تجاوزت شعارها التاريخي "حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات"؟ ، إذا كانت خيبر - وهي في عمق الجزيرة العربية - ما زالت في أذهان اليهود حتى يومنا هذا ، فإن الوطن العربي كله ، في عين الثعلب اليهودي ، ولكن ، هل يستطيع الثعلب أن يفترس كل ما يريده ، إلا إذا استسلمت الفريسة نفسها؟،.

واذا تجاوز البعض في هتافاتهم ، في احدى مباريات الدوري العام ، كما حدث مؤخرا في مباراة الفيصلي والوحدات ، نرى البعض يضخمها ويرجعها الى خلل مزعوم ، في كينونة المجتمع الاردني ، وان علينا مراجعة حساباتنا ، والا جاءنا الخراب - لا سمح الله تعالى - من حيث لا نحتسب ، وان مجتمعنا يغلي تحت الرماد ، مع العلم أن ما يحدث احيانا في ملاعبنا ، يحدث في كل دول العالم ، بشكل أضخم وأقسى ، مع التنويه ان الطريقة التي تعامل معها اتحاد كرة القدم ، برئاسة سمو الامير علي بن الحسين ، كانت مؤسسية ومهنية ، والمفروض أنه بعد صدور بيان الاتحاد ، ان يطوى الموضوع ، وان تتم معالجة فوضى الملاعب بطرق سليمة ، من قًبَل اهل الاختصاص.

اعتقد اننا اذا بقينا على هذا الحال ، في التهويل وتحميل الامور اكثر من حجمها وطاقتها ، فسنصل الى مرحلة انه اذا حدثت ازمة سير في احد طرق جاكرتا ، فان على مجلس وزرائنا ، ان يعقد جلسة طارئة ، لمناقشة انعكاسات هذه الازمة على الاردن وديمومته، ،

وإذا اجتمع زعماء السعودية ومصر وتمت المصالحة مع سورية ، خرج علينا البعض لـ"يبشرنا" أن الأردن خرج من اللعبة ، وأن دوره أصبح مهمشاً ، وكأن الاردن في نظر هؤلاء ، لا يعيش الا على الخلافات ، دون النظرة العميقة إلى الدور الأردني الكبير والمركزي ، في أي تحرك عربي ، مصالحة كانت أم غيرها.

لنرحم انفسنا ، ولنرحم الاردن الذي اعطانا الكثير ، من هذه الزوابع المفتعلة ، والذي جعله الله تعالى وطن الامان والاستقرار ، رغم ضيق الحال وكثرة الضغوطات ، التي تحملها عبر العقود ، ولكنه ظل ضارب الجذور في المعادلة التاريخية.

الناس يا سادة مهتمون في تدبير امور حياتهم ، ولا ينظرون إلى الاوهام غير الموجودة ، إلا في عقول البعض ، الذي تعود على ان يجعل من هؤلاء ، سلّما لاطماعه المشبوهة ، التي لا تتعدى اموره الشخصية.

المجتمع الاردني ، مجتمع متماسك ، اختلطت فيه الدماء والانساب حتى العظم ، وستظل اي محاولة لتفكيك هذا النسيج ، ضربا من الخيال.وهذه ليست دعوة لننام في العسل ونحن في منطقة لم يعرف العالم اضطرابا كالذي تشهده ، ولكن اليست الواقعية افضل من التهويل و الحرص افضل من الخوف؟

** الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الدستور ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :