اِقْرَأْ
اِقْرَأْ واسْتَنْطِقْ بَوْحَ النُّورْ
فالفِكْرُ شُموسٌ
تَكْنِسُ أوهامَ الدَّيجورْ
وَعُيون الحِكْمةِ فَيْضُ نُهىً
يَتدَفّقُ مِنْ تَسْكابِ سُطورْ!
اِقْرَأْ
فمِدادُ الشِّعرِ خيالُ شَذىً
يَتراءى في أحلامِ زُهورْ
وَرُؤى الأقلامِ تراتيلٌ
يَتلوها للقلبِ دَليلٌ
فَكأنّ خَبايا أبحرِها
وَقِطافَ مَواسمِ أحرفِها
مِن نَسْلُ الدُرّ المَنثورْ!
******
اِقْرَأْ
أنا أُمَّةُ عَنْترَ وَالزّرقاءْ
أنا قِبْلَةُ أفلاكِ العَلياءْ
أعْتَرِفُ اليومَ بأنّ دِمائيَ ماءْ
وَبأني بَيداءٌ شَعْثاءْ
وَبأنّ البحرَ اللّاهِثَ في عَينَيَّ غُثاءْ
لكنّي أُقسمُ بالأشواقِ وبالمَنْفى
بِقُصورِ" الدّاخلِ"
يومَ السّيفُ تَعثّرَ بالحَمْقَى وَهَفا
إنّي مُذْ كان المَجْدُ رُبىً
كُنْتُ الجَوزاءْ
وَبأنَّ عُكاظَ مِن الزَّقومِ العالقِ في التّاريخِ بَراءْ
وَبأنّ اللهَ اسْتودَعَ في شَفَتيَّ لأعْيُنِكمْ لونَ الأسماءْ
******
اِقْرَأْ
أنا مِسْكُ مِدادِ القُرآنْ
أنا نَقْشُ الفُصْحى في أحْداقِ الأزْمانْ
أنا عَزْفُ قَوافي الوَرْدِ
أنا حُلُل التّسبيحِ أنا التِّبْيانْ!
يا قومي،
يا قاماتِ الجودِ
وَيا سَادات الوِرْدِ
وَيا غَيمات الإحْسانْ
يا زَهْوَ خِيامِ الرِّفْدِ
وَوَشْمَ الرّيحِ الوارِفِ فَوْقَ عِمامَةِ قَحْطانْ،
أَتَلَمَّسُ قَشَّ بَيادِرِكُمْ
وَغُبارَ رُكامِ صَحائِفِكُمْ
أسْتَمْطِرُ أمْسَاً يَرْفلُ بالأمْجادِ
وَأسألُ عَنْ واحاتِ الضّادِ
فَلا ألقى إلّا الهَذَيانْ
وَرسوماً يسكنها النسيانْ!
******
اِقْرَأْ
يا قَومي،
أينَ عِتاقُ الخَيلِ وَأينَ جُموحُ الهَيجاءْ؟
أينَ المُتنبّي يُخْجِلُ طَرْفَ الفَخْرِ
وَأينَ هَديلُ الخَنْساءْ؟
يا قَومي،
أُمَّتُكُمْ حَيْرى
تَرْتَجِلُ الموتَ
وَتَحْقِرُ أحْلامَ الصّحْراءْ
فَيموتُ الجَمْرُ بِلا نَزْفٍ
وَيَصولُ السّيفُ بلا شَرَفٍ
وَبُيوتُ الشَّعِر تَزُفُّ الرّيحَ إلى صَمْتِ الرّمْضاءْ!
******
اِقْرَأْ
يا وارِثَ وَسْمِ العِزِّ وَهاماتِ الآمالْ،
هَذي الأوطانُ عِجافٌ أسْقَمَها خَسْفٌ وَضَلالْ
يَحْتَطِبُ السُّحْتُ مَوائِدَها
وَ يَهُدُّ المَدُّ رَوافِدَها
فَيَضُجُّ الجُرْحُ وَتخْبو أشْواقُ الأَطْلالْ!
اِقْرَأ،ْ فَخُطاكَ قَوافِلُ بُؤسٍ
حَاديْها قَفْرٌ وَمُحالْ
والأمسُ الواثِقُ بَعْثَرَ قِصّتَهُ التِّرْحالْ
وَسَنابِلُ طَلْعِكَ عارِيَةٌ
وسيولُ غِيابِكَ جارِيَةٌ
والسّفْحُ القاحِلُ لمْ يُمْطِرهُ نَدىً وظِلالْ!
*******
اِقْرَأْ اِقْرَأْ
اِقْرَأْ لي سِفْراً وَاسْكبْ فِنْجانَ الأَشْعاْر
فأنا بَدَوِيٌّ يَعْشقُ أسْمارَ الأوْتارْ
وَ يَتوقُ لِنَجْوى الأنْجُمِ في أهدابِ الأسْحارْ
يا أمةَ يَعْرُبَ،
يا مِلْحَ المَدَنِيّةِ و الإكْبارْ،
ما زالتْ رايَتُكمْ نَجْلاءَ
تَميطُ الغُرْبَةَ عن صَلَفِ الأحْرارْ
ما زالَ النّخْلُ يُطاوِلُ هامَ الحُزنِ
ويُورقُ في خُلْجانِ النّارْ
يا هَذا العَرَبيُّ الجَبَّار،ْ
أشْرِقْ
فَسَماؤُكَ حُبْلى بِالأمْطارْ
واعْشَقْ
فالقلبُ الثائر في جَنْبَيكَ بِلا أسْوارْ
واحْلُمْ
فَخَيالُكَ ليسَ لُهُ رَغْمَ الأصْفادِ قَرارْ
وَتَذَكّرْ أنّ العَربيّ المِغْوارْ
مَمْنوعٌ من سُكنى الأوْكارْ
مَمْنوعٌ من سُكنى الأوْكارْ