العفو العام
المحامي عدنان محمد الخشاشنة
18-12-2018 12:52 AM
العفو لغةًّ مصدر عَفَا يَعْفُو عَفْوًا، ، والعَفْوُ هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله المـحو والطمس، وعفوت عن الحق: أسقطته، كأنك محوته عن الذي عليه , والعفُّو اسمٌ من اسماء الله الحسنى.والعفو اصطلاحًا: (هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب).
ويصدر العفو العام بقانون عن السلطة التشريعية التي تناط بمجلس الأمة والملك بحكم المادة (25) من الدستور الأردني, ليشمل جريمة أو عدداً من الجرائم بحيث يزيل الصفة الاجرامية عن مرتكبيها من أساسها فتعتبر كأن لم تكن.
ويهدف العفو العام الى التهدئة الاجتماعية, وذلك من خلال إسدال ستار النسيان على بعض الجرائم التي ارْتُكِبَتْ في ظروف اجتماعية سيئة, او نتيجة لاضطرابات سياسية مرت بها الدولة, ويتغيا المشرع من اصدار العفو نسيان هذه الاحداث وتجاوز مرحلتها.
ويمتاز العفو العام بمجموعة من الخصائص أهمها: انه ذات طابع موضوعي؛ بحيث يستفيد منه جميع المساهمين في الجرائم التي شملها العفو من محرضين او متدخلين ، وهو ذو طابع جزائي اذ تقتصر آثاره على الصفة الإجرامية للفعل (الشق الجزائي) دون المساس بالحقوق الشخصية للمجني عليهم.
وللعفو العام أثر رجعي؛ بحيث يمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه, والعفو العام يتناول وقف وتعطيل أحكام وجرائم واردة في قانون العقوبات ولهذا فإنه لا يكون إلا بقانون, حيث أن العفو العام يزيل الصفة الإجرامية للفعل وهو بذلك ينفى أحد أركان الجريمة وهو الركن الشرعى (اذ لا عقوبة ولا جريمة الا بنص).
( 1وحثت الديانات السماوية ومنها الاسلام على العفو, قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13من سورة المائدة) وجاءت السنة النبوية وسطرت أروع الأمثلة في العفو ، حيث عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن مشركين قريش يوم فتح مكة بقوله (اذهبوا فانتم الطلقاء) .
وأساس العفو العام الدستور الاردني وتحديداً نص المادة (38) منه:(للملك حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة، واما العفو العام فيقرر بقانون خاص),كما نصت المواد (47) من قانون العقوبات الأردني و(130) من قانون اصول المحاكمات الجزائية بأن العفو من الأسباب التي تسقط الأحكام الجزائية.
ويتعلق العفو بالنظام العام حيث لايجوز للمحكوم عليه رفضه, وهو ذو اثر رجعي يسقط العقوبات المنصوص عليها في قانون العفو ويوقف تنفيذها ويمنع ملاحقة ما ارتكب منها قبل صدوره.
وعادة ما يستثني العفو العام بعض الجرائم التي تخّل بأمن الدولة واقتصادها والجرائم المخلة بالثقة العامة وآداب الاسرة وجرائم المخدرات باستثناء الجرائم المتعلقة بالتعاطي.
ويشار الى ان قانون العفو العام المنتظر يتوقع ان يشمل حوالي ثمانية آلاف محكوم وموقوف في مراكز الاصلاح والتأهيل وآلاف آخرين من المشتكى عليهم الملاحقين اضافة الى مئات الالاف من مخالفات السير, بحي يتوقعى ان يطال هذا العفو كل أسرة من الأسر الاردنية او المقيمة.
واخيرا فان العفو سمة وصفة اصيلة من صفات بني هاشم ,ولا بد من الاشارة هنا الى ان نظامنا السياسي الهاشمي اصدر حتى الآن (17) قانوناً للعفو, والقانون الذي وجّه جلالة الملك -حفظه الله- باصداره هو القانون الثامن عشر - والثالث في عهده الميمون.
حفظ الله الوطن وحفظ الأمة وحفظ قيادته الهاشمية المظفرة من كل مكروه.