المواطن والوطن الوطن بقعة الأرض التي يعيش عليها الإنسان، وتربطه بأهلها قوانين، ومفاهيم، وأنظمة، وقواعد سلوك، فالعلاقة بين الوطن والمواطن علاقة تكامليَّة، ترسِّخ مفهوم الانتماء الحقيقي، وتترتب عليها آثارها العظيمة، وتعبِّر عن صدق الفهم، ويختلف النَّاس في طبيعة هذه العلاقة ودرجات قوّتها، ومدى وعيهم بها.هناك جملة أنظمة وقوانين ونظم علاقات تنظِّم علاقات النَّاس بأوطانهم، كالأنظمة المدنية التي تنظم شؤون الناس، وأنظمة الخدمة العسكرية التي تضمن مصلحة الوطن ورفعة أبنائه وسيادتهم على أرضهم واستغلالهم واستفادتهم من خيراتها، ذلك أن استقرار الوطن إنَّما يكون بجهود مواطنيه وماهية الخدمة التي يقدمونها، ودرجة انتمائهم وصدق تعبيرهم عن هذا الانتماء.
الفهم الصحيح للعلاقة بين الوطن والمواطن من مستلزمات الفهم الصحيح للعلاقة بين الوطن والمواطن أنَّها علاقة تكامليَّة، فبقدر ما يقدم الوطن ويخلص من أجل وطنه، يستفيد من خيراته، ويحقّق معاني السعادة فوق أرضه، ومن مستلزمات هذا الفهم الوعي بأمن الوطن واستقراره، والعمل على تنميته والازدهار به وبأبنائه، وتكامل الأدوار بين الكل الوطني بقيام كلّ فرد وكل مؤسسة بالدور المنوط به على أتم وأكمل وجه، وكذلك تقوية جبهته الداخلية، بقوَّة العلاقات بين أبنائه، وتقوية جبهته الخارجيَّة بأنماط العلاقات الدوليَّة، والدفاع عن حياضه ضدَّ أيِّ عدوان خارجي.
آثار العلاقة الإيجابيّة بين الوطن والمواطن إنّ الوعي السليم بالعلاقة بين الوطن والمواطن، وقيام كل مواطن أو مؤسسة بدوره بشكل سليم، يترك آثاراً عظيمة منها راحة المواطن فوق أرضه وعلى تراب وطنه، وسعادته، واستقراره، وبنائه لذاته وتحقيقه لمحطَّات من الإبداع في بناء ذاته وخدمة وطنه، فيكون التنافس في طَرْقِ أبواب التخصّصات العلمية المختلفة، ممَّا يحقّق كفاية الوطن في شتَّى المجالات والتخصصات، واستغنائه بأبنائه عن غيرهم من دول الجوار، ومن هذه الآثار أيضاً قوَّة الجبهة الداخليَّة بقوَّة النسيج الاجتماعي بين أبنائه، وقوَّة التماسك والترابط ووحدة الصف الوطني ممَّا يترك ذلك كله أثراً مباشراً في قوَّة الوطن واستقراره وازدهاره في شتى المجالات إنَّ مفهوم المواطنة الصحيح إنَّما يقوم على بث الوعي الوطني بالانتماء للوطن ومقوّماته ومظاهره، وتكون التربية والتنشئة على ذلك من الأسرة ابتداءً ومروراً بالمدرسة في شتّى مراحلها وانتهاء بالجامعة، وفي شتى مواطن العمل والإنتاج والمسؤوليَّة.
ويشمل ذلك كلَّ المؤسسات والدوائر الوطنيَّة التابعة للوطن سواءً كانت حكومية أو خاصة، مع وجود جبهة قويَّة وتوجُّه عام لمقاومة الفساد وعناصره ومظاهره واجتثاث مسبّباته، فبذلك تتأكّد وتترسّخ العلاقة الإيجابيَّة بين الوطن والمواطن، وعلاقة تقوم على الإنتاج والفاعليَّة، وغرس جذور الانتماء بالوطن وأرضه وتعهدها لدى الكل الوطني.