ولد رحمه الله عام 1913 في قرية أذرح بمحافظة معان جنوب الأردن , ووالده المرحوم الشيخ سحيمان بن جازي أحد شيوخ عشيرة الجازي من قبيلة الحويطات العربية المشهورة والتي تسكن وتتواجد بجنوب الأردن وشمال السعودية والنقب وسيناء ومصر , وهي قبيلة من أصول عربية معروفة ومشهورة .
تلقى الشيخ هارون تعليمه في كتّاب العشيرة الذي كان يتنقل معها في ترحالها أينما رحلت , وأجاد القراءة والكتابة بشكل ممتاز مما مكنه من الاطلاع على كثير من الكتب والمجلات التي كانت تتوفر له .
عرف رحمه الله بتدينه والتزامه بأوامر الشرع الحنيف , فكان محافظاً على اقامة الصلاة والصيام وحج بيت الله عدة مرات , وأكمل ذلك كله بذروة سنام الإسلام ( الجهاد في سبيل الله) .
كان رحمه الله حكيماً حليماً واسع الصدر حباه الله بذكاء خارق مكنه من إدارة أمور عشيرته وحل مشاكل الناس أفراداً وعشائر , وعرف بحبه لعمل الخير ومساعدة المحتاجين , وتوفى إلى رحمة الله وهو رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في محافظة معان , وكان عضواً في كثير من الجمعيات الخيرية , وعضواً في مجلس المنظمات والجمعيات الإسلامية بعمان , وفي اتحاد الجمعيات الخيرية بالأردن .
انتقل إلى رحمة الله مع عدد من مرافقيه إثر حادث سير مؤسف على طريق معان عمان قريباً من الحسا وكان ذلك بتاريخ 1-1ـ 1979, واقيمت لهم جنازة مهيبه كبيرة في مسقط رأسه قرية أذرح , شارك فيها حشد كبير من أقاربه وأصدقاءه ومعارفه ومحبيه .
ترك رحمه الله خمسة من الأبناء هم ( المرحوم الدكتور عبد الله وبه كان يكنى , وعبد العزيز , وطلال , وسلطان , وسطام ) رحم الله المتوفين وأطال في عمر الأحياء منهم ونفع بهم أمتهم .
جهاده :-
أدرك الشيخ هارون خطورة التآمر الانجليزي الصهيوني منذ وعد بلفور على فلسطين وشعبها وعلى الأمة بكاملها , لذلك ما أن صدر قرار التقسيم في 29 - 11 عام 1947 حتى قاد الشيخ هارون كتيبة من أبناء عشيرته وقبيلته ودخل إلى فلسطين مقاتلاً , ورغم قلة السلاح والعتاد والتموين إلا أن ذلك لم يمنعه من تلبية داعي الجهاد , وكانت كتيبته التى عرفت بإسمه من أوائل كتائب المجاهدين الذين دخلوا الى فلسطين من خارجها .
اتصل الشيخ هارون بالقائد الشهيد عبد القادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس وعمل تحت إمرته وتعرف على الشيخ حسن سلامة قائد القطاع الأوسط بجيش الجهاد وعلى غيره من القادة , اشترك في معركة القسطل قائداً للجبهة الجنوبية الغربية واستطاعوا تحريرها من الصهاينة الذين كانوا يتمركزون بها , رغم خسرانهم القائد الشهيد عبد القادر الحسيني في تلك المعركة المشهورة يوم 8- 4-1948.
خاض مع كتيبته العديد من المعارك ضد قوات الاحتلال الإنجليزي وقوات العصابات الصهيونية في مواقع بيت محسير وساريس وعمواس والقباب وقاد ودير أيوب واللطرون ، وبعد دخول الجيش الأردني إلى فلسطين تمركزت كتيبة الشيخ هارون في منطقة باب الواد واختار هو شخصياً هذا الموقع لما له من أهمية استراتجية بالغة , فالمنطقة جبلية مليئة بالأشجار وتسيطر على طريق تل أبيب – القدس , وقام وبالتعاون مع الكتيبة الرابعة الأردنية بمحاصرة القدس ومنع وصول الإمدادات لها .
حاول الصهاينة الدخول الى القدس عن طريق باب الواد فتصدى لهم الشيخ هارون وقواته وبمساعدة كبيرة من الكتيبة الرابعة , استطاعوا تكبيد القوات الصهيونية الخسائر الفادحة بالأرواح والمعدات ، وغنم المجاهدون الكثير من الأسلحة والمعدات العسكرية والآليات , وولى المهاجمون الأدبار .
كانت معركة باب الواد من أعظم المعارك التى خاضها الشيخ هارون , وكتبت الصحف والمجلات عنه وعن بطولاته ومنح الأوسمة تقديراً لبطولته في تلك المعركة , قال عنه الدكتور مصطفى الدباغ في كتابه بلادنا فلسطين (الشيخ هارون بن جازي من عرب الحويطات أبلى بلاءاً حسناً مع مجموعته من مجاهدي الحويطات في معارك باب الواد التي كانت من أهم المعارك التي جرت دفاعاً عن القدس الشريف ( أيار 1948), جنباً إلى جنب مع أبطال الجيش العربي الاردني , واعترف اليهود بأنهم خسروا في هذه المعركة وحدها ضعفي العدد الذي خسروه في معاركهم التي سبقتها ).
وقال آخر ( هارون بن جازي واحد من المجاهدين الذين سطروا أروع الملاحم البطولية على أرض فلسطين عام 1948) .
رفض الشيخ هارون الهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة على الجيوش العربية والصهاينة ولم يلتزم بها , وقام بمهاجمة الصهاينة خلالها وأوقع بهم الخسائر الكثيرة , واعتبر أن الهدنة خدعة صهيونية دولية الغرض منها إعطاء الصهاينة الوقت للتزويد بالسلاح والعتاد والرجال , وهذا ما حصل فعلاً مما أدى الى تغير نتاتج المعارك بعد الهدنة لصالح الصهاينة .
رحم الله المجاهد الشيخ الفارس الشجاع المغوار هارون بن جـازي ( أبا عبد الله ) , وجزاه خيرا عما قدم لدينه وأمته ووطنه , وجعله الأسوة والقدوة الحسنة لأبناءه وذريته وللأجيال الشابة من أبناء وأمته ووطنه , وعهدا أننا لن ننساه ولن ننسى جهاده وتضحياته .