حاولت أن أصمت ولكن أعترف أني لم أستطع لقاء تلك الصبية المسترجلة وهي تهين الدرك وتنادي " ضبّوا جيشك " ، أعرف أنها تمثّل نفسها وتمثّل كل حاقد لا يعرف قيمة الجيش والدرك في ظل تحريض نسمعه كل يوم في المواقع الإلكترونية الرخيصة الباحثة عن الشهرة والإبتزاز أو قبل ذلك من " دكاكين سياسية " تتغنّى بكل شيء في البلد إلا أن تنادي أنّك تحب وطنك فهنا أنت سحيج ومدافع عن النظام .
لا أشكك بنوايا الشباب الطيبين الذين وقفوا في "الرابع" ولكن ربما تلك الصبية المسترجلة لم تقرأ ولم تسمع أن الأردنيين في الكرك ومعان إبّان أحداث " الخبز " وقبلها في " هبّة نيسان " إستقبلوا ناقلات الجيش والعسكر بالمناسف والزغاريد عندما إنتشرت في الشوارع ، هل تعرفين لماذا ؟ لأن هذا الجيش من سلالة طين وطيب هذه البلاد ، ونشعر بالأمن والأمان كلما لاحت بدلة فوتيك أو كلما
ناظرنا طلّة عسكري يلتثم بالشماغ من فوق "روفر ".
وما زلنا نذكر غيرهم كيف إستقبلوا ذات زمان قوات البادية بالحجارة من الشرفات ، هو ليس زمان الثأر وليس زمن إسترجاع الوجع ، لكن يؤلمنا أن يشتم الجندي وهو يقوم بواجبه ، تاركا أهله أياما ودوامه لا ينتهي ، ومعرّضا أيضا للموت والرصاص كل لحظة .
أحد المواقع الإلكترونية يوم الإعتصام يخرج بعنوان " ألا شلّت أياديكم " وأخرى تحمل درجة الدكتوراه تكتب : "العسكر القذر تمثلوا الحكومة ".. وهذه تنادي على الدرك :" يا حريمة " ، تطعن مصدر فخرنا بالمرأة وهي إهانة لرجولة الأردني .. هؤلاء يا أنتِ من لجأنا إليهم يوم داهمنا السيل ؛ زاهي ورياض وحارث ، هؤلاء الرجال من رموا نفسهم في الموت لمّا قرع بابنا الإرهاب ؛ راشد وسائد ومعاذ ...
يا هذه ؛ قليل من الخجل والكثير من العتب والأخلاق تحتاجين ، وفي الفم ماء وفي الحلق غصّة ، وأعرف أن الجيش والعسكر والدرك لا يحتاج قلمي ، وأن تاريخهم كتبوه بالدّم قبل الحبر ، ولكن يحتاج منّا جميعا أن ندرك حجم من يعادينا اليوم من الداخل ومن الخارج ، وأن نؤمن جميعا أن بلدنا بخير وستنهض يوما رغم حقد الحاقدين والفاسدين والمراهنين على سقوطنا .
حمى الله وطننا