رياح الرعب تهب على فلسطين .. فهل تهددبانهيار الهدنتين؟
جودت مناع/ لندن
27-12-2006 02:00 AM
منذ أن فرض الحصار على الشعب الفلسطيني يتدحرج التوتر بين المنظمات الفلسطينين ككرة الثلج إلى أن وصل درجة يهدد ليس مستقبل الأمة فحسب وإنما انهيار السلطة الفلسطينية في أعقاب خطاب الرئيس عباس الذي دعا فيه لإجراء انتخابات مبكرة.
وعليه، فإن الحرب الأهلية باتت قاب قوسين أو أدنى فقد تحولت شوارع قطاع غزة إلى مرابض للمسلحين من كل الاتجاهات، وأصـبح المدنيون ينامون ويستيقظون على أصوات الاشتباكات بالرصاص بين رفاق الخندق الواحد.
يذكرنا عباس في سياق خطابه بان الشعب هو مصدر السلطات لكنه لم يأتِ على القول أن تداول السلطة حق مقدس من حقوق الشعب وليس الاستبداد بها معنى ذلك أنه لا يجوز لفريق أن يستبد بالسلطة إلى مالا نهاية.
الرئيس عباس تسرع في الإعلان عن إجراء الانتخابات، ولم يستفتِ الشعب الذي يعاني من الجوع والحرب الأهلية معاً، قبل الإقدام على خطوة كهذه خلقت من المشاكل أكثر مما يمكن أن تسفر عنه من حلول.
ومما يزيد الطين بلًه، تصريحات التأييد التي أطلقها بوش وبلير وأولمرت لإعلان عباس إجراء انتخابات مبكرة ما يعني تدخلا مباشرا يشبه إلى حد قريب الضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي تمارس على عباس للإطاحة بحكومة \"حماس\".
تلك الضغوط التي تشبه إلى حد قريب ضغوط اليوم هي التي أدت إلي دفع عباس للدعوة إلى الإنتخابات آنذاك، وقطع مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأن الأطراف أي الاسرائيلي والأمريكي - البريطاني، هم الذين وقفوا خلف الحصار المالي والاقتصادي التجويعي المفروض حاليا من أجل إفشال حكومة حماس المنتخبة في الانتخابات التشريعية قبل عشرة اشهر.
هذا ما سيزيد من الصعوبات التي تواجه رئيس السلطة ومهمته لأن عباس سيبدو في نظر الجميع مدعوما من إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، وهو المثلث الذي يحظي بكراهية غير مسبوقة في أوساط الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص بعد أن اكتشفت مراوغته وريائه تجاه السلام المفقود.
ويبدو أن هذا المثلث لا زال يجهل الخارطة الفلسطينية وشعبها الذي لم يتنفس الحرية بعد، فإخفاق الولايات المتحدة في استخلاص العبر من نتائج حربها على العراق لم يردعها عن التدخل السافر في فلسطين ولبنان وكأن الشعب الفلسطيني نفض الغبار التي ثيابه المتسخة نتيجة للاحتلال.
وها هو بلير يقع في الخطأ مرة أخرى، وإن هو يدرك ذلك، حين كرر في مؤتمره الصحفي مع عباس سياسة ازدواجية المعايير في فلسطين ولبنان فأيد دعوة عباس لانتخابات مبكرة ورفض مثلها في لبنان لكونها صدرت عن المعارضة اللبنانية. ما يعني اصطفافا سافرا في مواجهة المقاومة أينما وجدت ويؤكد فقدانه المصداقية.
وفي ظل هذه الأجواء من الصعب صمود أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين أخوة السلاح، بل من المستحيل إجراء أي انتخابات تشريعية أو رئاسية لأن معظم القوى الفلسطينية الأخرى يتملكها اعتقادا بات راسخا أن إجراء انتخابات في ظل الاحتلال لم يكن يوما قرارا صائبا فكيف يمكن إجراؤها في ظل أجواء حرب أهلية ما يعني انهيار حتمي للسلطة الهشة التي تنحسر الأرض من حولها.
ولكي تنقشع رياح الرعب عن سماء فلسطين فإن المطلوب موقفا عربيا وإسلاميا موحدا يضمن عودة القضية إلى الملعب الدولي لعدم المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة وذلك هو الضمان الوحيد للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وبعكس ذلك فإن انهيار الهدنة الداخلية والثانية مع إسرائيل أمرا لا مفر منه.
jawdat_manna@yahoo.co.uk