من أعلام الاصلاح الاجتماعي قاسم أمين و"تحرير المرأة" هو عنوان دعوته الاصلاحية وعنوان كتابه , فحمل أسم الدعوة ونشرها واقترنت الدعوة باسم قاسم وعرف بها بل شاركه فيها كثير قبله وبعده فهو بطلها ورائدها .
صدرت الطبعة الاؤلى من هذا الكتاب عام 1899 م ولكنه في موضوعه ومحتوياته لا يعد كتاباً لتلك الحقبة بل هو كتاب اليوم وغداً وقد أستفتحه مؤلفه بمقدمة وتمهيد تلتهما موضوعات الكتاب في مسائل المرأة فخاتمة في الدعوة الأخذ بالعلم والعزيمة .أما المقدمة من صفحتين –فيوضح فيها إن كل مسألة من المسائل التي اجملها في كتابه أن تكون موضوعاً لكتاب على حده ولكنه اختصر فيها لترتبط حلقات في سلسلة واحدة وغايته لفت الاذهان الى موضوع يقل عدد المفكرين فيه, لا بل وضع كتاب وافي في شأن المرأة ومكانتها في الوجود الأنساني .ثم يهيب المؤلف بصفوة الأمة وهم المتعلمين من أبنائها فيدعوهم الى النهضة والاصلاح ,فالمؤلف يرى الكسل موتاً واليأس كفراً بالنفس والامة والدين والوجود كله ,وهكذا يرتفع بتفكيره وأمله ,فيرتقى من وجوب الثقة بالنفس والجماعة ,وبالعقيدة والشريعة حتى يبلغ الايمان بالله ,الذي هو مناط كل خير وكل عزم وكل أمل في الاصلاح ومن هنا نعرف قوة نفسه وقوميته وقوة اعتماده على دينه وقوة يقينه بالله. ثم يختم المؤلف مقدمته فيقول ما يقوله كل طالب للحقيقة في اخلاص وتواضع "ان أخطأت فلي من حسن النية ما أرجو معه غفران سيئة خطئي وأن أصبت –كما أظن –وجب على اولئك المتعلمين نشر ما أودعته في هذه الوريقات وتأييده بالقول والعمل ". أما التمهيد فهو فصل من الكتاب وأما موضوعه واضح من عنوانه "حالة المرأة في الهيئة الاجتماعية تابعة لحالة الآداب في الأمة".ثم يمضي المؤلف فيذكر الصراع بين الآراء والمذاهب ومحاولة تأييدها ولو بالحروب وهذا واضح في تاريخنا الاسلامي أما داخلياً في صراع الافراد بعضهم مع بعض أوصراع خارجيا كل أمة مع غيرها لكنه أوضح ما يكون في عصرنا الاختراعات الحديثة الغت المسافات هدمت الفواصل فوثقت العلاقات بين الامم طوعاً وكرهاً فمن العار ان نلوذ بالسكون الذي حبب الينا اهمال عقولنا حتى صارت كالارض البور .ثم يشير الى ما يتوقعه لفكرته الاصلاحية فيصفها بأنها بدعة ويعترف انها بدعة ومن هنا نعرف انه يقيم القضية على دعائم تضرب في اغوار النفس الانسانية بل تمتد الى اعماق الوجود كله .ويؤيدها بالقرآن الذي هو أساس الاسلام .ويثبت في فصل آخر بأن أحوال المرأة من أحوال الأمة ,ثم يبين انه ليس في احكام الاسلام ما ينسب اليه انحطاط المرأة المسلمة ,بل الحقيقة عكس ذلك لأن الاسلام أكسبها مقاماً في الهيئة الاجتماعية .وعدد المؤلف مظاهر احتقار المرأة وظلمها ,ودعا الى تربيتها من صغرها على الفضائل الاجتماعية التي يظهر آثرها في نظام الأسرة .وناقش قضية الحجاب ورأي الشريعة به ,وشراكة المرأة في المجتمع مع الرجل ,وتطرق الى باب العائلة وتعدد الزوجات والطلاق . أما الخاتمة تناول المؤلف موضوعين :العلم والعزم فالعلم وسيلة الامة الى معرفة مطالبها وتخليصها من سيئاتها وعاداتها ثم ترقية احوالها للتعيش في المستقبل .وأما العزيمة فهي تحث على الارادة وعلى تحقيق كل خير يكتشفه العلم ,واقترح المؤلف في نهاية الكتاب الى تكوين جمعية من الآباء الراغبين في تعليم بناتهم على هذه الطريقة لتحقيق تربية بناتهم ,والدعوة لأصدار قوانيين تضمن للمرأة حقوقها . قاسم أمين كاتب مصري ومصلح اجتماعي وكاتباً وقاضياً وكان يؤمن ان الحياة محبة ورحمة وتسامح وسلام فكان مثالياً وتدرج عدة مناصب في القضاة حتى كان مستشاراً في محكمة الاستئناف وكان وكيلاً للنائب العمومي في محكمة مصر المختلطة ,ومن مؤسسي الحركة الوطنية المصرية وتوفي عام 1908.