في مقاله البارحة ، يكتب طاهر المصري رئيس الوزراء الاسبق ، من ذهب ، حين يقول ان كل ما يريده نتنياهو ، من التلويح بالوطن البديل ، وشطب حق العودة ، هو نقل الخصومة الى المجتمع الاردني ، من اجل ان يتشظى ، بدلا من ان يتماسك.
مقاله احتوى افكارا هامة ابرزها ان "السجالات الاخيرة" حول حق العودة ، والوطن البديل وحقوق المواطنين ، يجب ان لا تتجاوز سقف الحوار الوطني وتتحول الى تطرف في الطرح ، واثارة للعصبيات والتهجم الشخصي على بعضنا البعض ، ويقول المصري ، ايضا ، اننا جميعا ودون استثناء نتمسك بحق العودة ، ولا نقبل اقامة الوطن البديل ، ويشير الى ان نتنياهو يريد ان ينقسم المجتمع الاردني ويتفتت تحت وطأة الاختلافات ، وان المطالبة بالمساس بحقوق اردنيين انتسبوا الى هذا الوطن طواعية ، وحصلوا على جنسيته بشكل شرعي وقانوني وتوافقي ، هو امر غير مقبول ومساس بحقهم الدستوري ، وان الحنين الى مسقط الرأس امر انساني نمارسه جميعا ، ولايتعارض مع الانتماء للوطن ، وان افضل مانقاوم به دعوات اسرائيل هو عدم الانقلاب الى الداخل ، لنخاصم بعضنا البعض ، بل بالالتفات الى الخطر الخارجي ، ويدعو المصري للابتعاد عن الكراهية والشحناء ، وعن الخطاب الجهوي والفئوي ، وتقوية الجبهة الداخلية.
السجالات التي اشار اليها طاهر المصري ، لم يكن اغلبها صحيا ، اذ ان مستوى المفردات ومغزاها ، وحجم التراشق ، والتنابز بالالقاب ، وتوتير الجو العام ، وبث العصبية في "العرق الوطني العام" امر لم يكن محمودا على الاطلاق ، بل كانت كثرة تسأل عن سر عدم كبح كثير من الاصوات التي تجرح ، وتثير الملفات تلو الملفات ، تارة بدوافع وطنية ، وتارة بالتباكي على هؤلاء او على هؤلاء ، لنسير تدريجيا ، نحو ما يريده نتنياهو من نقل المعركة الى الاردن ، واراحة اسرائيل بهذا المستوى المؤسف من الشكوك وبث الضغائن في بلد واحد ومجتمع واحد ، من يحبه حقا يعرف ان مهمته المقدسة ، هي الحفاظ عليه ، لا..رشقة بالحجارة ، ومس سكينته الوطنية ، بذرائع مختلفة ، ولعل السؤال يبقى مفتوحا ، حول مسؤولية كل واحد فينا ، في تجميع الناس ، وافهامهم اين الخطر وممن الخطر ، وكيف نتعامل مع الخطر ، بعيدا عن نظرية ان مواجهه الخطر تكون برشقنا لبعضنا البعض بالحجارة ، باعتبار ان هذا هو اسهل حل ، خصوصا ، انه كما قال السيد طاهر المصري ، فلا احد يقبل بمشروع الوطن البديل ولا احد يقبل بشطب العودة ، وبما ان الامر هكذا ، فان هذه قواسم مشتركة توجب خلق موقف موحد ، في وجه الاخطار التي تهدد فلسطين والاردن معا.
سكت طاهر المصري كل هذا الوقت ، حتى مرت عاصفة السجالات ، بخيرها وشرها ، وهو يعبر اليوم عن ضمير الاردنيين ، كل الاردنيين ، في الموقف من الاخطار والتحديات ، بطريقة جامعة ومقبولة.. ومحترمة ايضا.
m.tair@addustour.com.jo