في منازل الاحتجاج ومنزلة القانون
د.مهند مبيضين
15-12-2018 01:45 AM
ليسوا عبثيين كما وصفهم أحدهم، لكنهم مطالبون بالإصلاح، قد يكون من بينهم من يخطئ ومن يتطرف في الشعار الذي يرفعه، لكنه الأردن والحكم الهاشمي النبيل الذي طالما احتمل وقدر غضب الأردنيين، له حيلة على كلّ ذلك الاختلاف والغضب.
أفلح الأردن في الاستجابة لسنوات الربيع العربي التي خلت وانتهت سحباً من النار والركام في بلدان الثورة والسلمّيات والتنسيقيات، لكننا وإذ لم يُصبنا ذلك فقد وسّعنا مدار الحديث والحريات، وحافظ الأردنيون على داوم صوتهم في المطالبة بوطن قوي وحكومات ذات ولاية وحرب ضروس على الفساد.
الملك قال بوجوب كسر ظهر الفساد، حاور الكثيرين، وذهب للناس في قراهم وللشباب في جامعاتهم، وفيما الحكومات تأتي وترحل، ظلّ الاردنيون حتى اليوم نبلاء في الفقر، يكتبون كل نهار سطرا جديداً في العطاء برغم ضيق ذات اليد، ولا احد ينكر أنّ الجوع مسّهم مع كل ما يقال لهم من وعود.
لكن كي نحتج بوعي وعقل، يجب أولاً الحفاظ على ديمومة المرافق وعدم تعطيلها، وعلى البقاء تحت مظلة القانون وعلى وطنية النهج الحراكي وعلى تقديم البديل للوضع الاقتصادي.
في المقابل، يحاول الدكتور عمر الرزاز العمل بجهد كبير ويصفه احد المقربين إليه «بأنه لا ينام»، وقد حاول الرجل الانصات للناس، لكن الواقع الاردني الراهن ليس من صنعه، ويستحيل أن يُحل بالرؤية او العقلية التي يرى بها البعض الحال العامة، صحيح أن للناس رأيا في تشكيل الحكومات، ولهم انتقادهم على حكومة الرئيس الرزاز وفريقه، لكن ما دامت الاحزاب غائبة فسيبقى الوضع على حاله.
قدّم رئيس الحكومة برنامجه، سواءً كنّا معه أم ضده، يجب أن نعطيه الفرصة للتقدم، ويجب محاسبة الحكومة على انجازها، لا على رواسب الماضي.
في المقابل المحتجون ليسوا شياطين ويحبون وطنهم، وليسوا عبثيون كما وصفهم احدهم، وهم ليسوا عابري طريق، ولا مجال للاستهانة بتصاعد الحراك وتقليل قوته، ويجب على الحكومة ان تكون حذرة من أي رسائل سلبية في التواصل مع الناس او حتى في ردود الفعل.
نعم للحراك الوطني، ونعم للاحتجاج، لكن نعم للقانون وحفظ الأمن والمقدرات . ولا للسلبيات وللسباب والكراهيات، والاتهامية.
منازل الاحتجاج كثيرة ومتعددة، ومنزلة القانون واضحة وموحدة، فلتكن بوصلتنا الوطنية في المنزلتين، القانونية والوطنية
الدستور