بورصة، اقتصاد، سياسة، إعلام، فساد، ويستغفر الله!
باسم سكجها
14-12-2018 07:55 PM
يُفترض أنّ الاصلاح الاقتصادي يأتي على رأس أولويات الحكومة، وكان واضحاً أنّ قانون ضريبة الدخل هو العنوان الرئيس لهذا الأمر، وخلال وقت قصير جداً بدا وكأنّ القانون الذي مرّ بمراحله الدستورية صار يحتاج إلى تعديلات، وأوّل الدلائل هو ما جرى في بورصة عمّان في خلال الأسبوع الماضي.
ومعروف للجميع أنّ سوق عمّان المالي يشهد تراجعات مستمرة منذ سنوات، وهناك من الأسهم التي كانت تُباع بنحو ثلاثين ديناراً، مثلاً، صارت تُشترى بأقلّ من ثلاثين قرشاً، وهناك أمثلة أقسى من ذلك، والواضح أنّ ما جرى مع قانون الضريبة زاد الطين بلة، فشهدنا ما هو أكثر من التراجع البطيئ، لنصل إلى ما يشبه الانهيار.
كلمة “الانهيار” ليست من عندنا، فهناك من كبار الاقتصاديين استثماراً وتحليلاً مَنْ ذكر الكلمة، ولم يعد سرّاً أنّ صغار حملة الأسهم وهم الذين يمتلكون أكبر عدد منها في السوق، بدأوا رحلة الهروب السريعة لسبب ما سمعوه عن وصول ضريبة الدخل إلى رزقهم، والأمر لا يعني لهم مجرّد مضاربة، بل وسيلة للعيش.
وعلينا أن نعترف أنّ الناس العاديين (الطبقة الوسطى تحديداً) هم الذين باقدامهم أو احجامهم يعملون على انعاش الاقتصاد أو تركه وحيداً مع المعاناة، وعلينا أن نعترف بأنّ هؤلاء لا يقرأون مئات مواد في قانون، فيحللونها ويتخذون قراراتهم بناء على التحليل، بل يأخذون انطباعات عامة، ويتصرّفون بناء عليها، وهذا ما حصل.
ومن الطبيعي أنّ كلّ حملة العلاقات العامة الحكومية لم تنفع في الاقناع، فالثقة مفقودة أصلاً، وهكذا فما قد تأخذه الخزينة في يدها اليمين، قد تفقدها في يدها الشِمال، ومع دخولنا لمناقشة الموازنة العامة سنكتشف أنّ العشرات من النواب الذي مرّروا القانون، سيعودون إلى الحديث عنه، من هذا الجانب أو ذاك، إنْ كان بالغمز أو باللمز!
وليس سرّاً أنّ الأردنيين توقّفوا مطوّلاً هذا الأسبوع أمام خبر آت من شمال البلاد، من سوريا، حيث أقرّت الجمهورية العربية السورية موازنة مالية خالية من العجز، وبقليل من المقارنة الشعبية العفوية، فإنّ بلداً لم يخرج بعد من حروبه الأهلية يصل إلى هذا، ونحن البلد الذي لم يشهد “ضربة كف”، ويستقبل أنواع المنح والمساعدات، سيناقش على مدار أسبوع أو أكثر أسباب العجز، وأساليب الخروج منه بعد عدة سنوات!
بدأنا بالقول إنّ أوّل أولويات الحكومة المعلنة هو الاصلاح الاقتصادي، ولكنّ الدوار الرابع بات يهرب من هذا العنوان الصعب، ليصل إلى عنوان جديد هو الاصلاح السياسي، وفي يقيننا أنّ ذلك هروب من المواجهة، من مجابهة الحقيقة إلى مناقشة الوهم في رحلة عبثية، كما كانت رحلات سابقاتها من الحكومات.
على الحكومة العتيدة أن تعترف على الملأ أنّها ورثت هموماً اقتصادية صعبة، وفسادية مستقرة، واعلامية كارثية، وإدارية متخبّطة، وسياسية محلية عبثية، وأنّها ستحاول العمل مع كلّ ذلك بصرامة وحزم وطنيين، لاستعادة الثقة من المواطن، لا أن تواصل رحلة “تسيير الأعمال”، بالشعارات والقوانين المسلوقة والقرارات المستعجلة والكلام المعسول والاستراضاءات والمحاباة، وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وللكلام بقية!