سكجها يكتب: كلام صريح حول ما جرى في وقفة “الرابع”
باسم سكجها
14-12-2018 07:52 PM
خرجت، وستخرج، روايات متناقضة لما جرى في منطقة الدوار الرابع الليلة الماضية، ولكنّ ما شاهده الناس وخصوصاً خارج البلاد، عبر الشاشات، أعطى صورة غير حقيقية لما سمّي “وقفة” أو “اعتصاماً” أو “مظاهرة”، سمّوها ما شئتم، فبدا وكأنّ هناك صوتاً أردنياً طاغياً يعترض على السلطة، وخصوصاً مع الاخبار (غير المؤكدة ولكنّها منشورة) عن دخول “قوات البادية” إلى المشهد، ومتابعة بضع قنابل مسيلة للدموع، وتمّ في آخر الأمر انتهاء المشهد بيسر.
من الطبيعي أنّ البيانات الرسمية ستعلن عن انتهاكات للقانون من الموجودين، ممّا دفع الأمن إلى التدخل، ومن الطبيعي أنّ يقول “الواقفون” إنّ الأمن تعامل بخشونة مع وقفة تحوّلت إلى مسيرة سلمية بمنعهم من الوصول إلى الدوار الرابع حيث مقرّ الرئاسة، وما بدا لنا من المتابعة اللصيقة أنّ أحداً لم يقذف حجراً أو يكسر زجاجاً، ولكنّ الشعارات من البعض كانت تخرج عن المألوف.
وفي حقيقة الأمر، فإنّ الأرقام الحقيقية تتحدث عن نحو ثلاثة آلاف تواجدوا هناك، وفي تقديرنا أنّ نصفهم كانوا من أصحاب الفضول الذين يريدون التصوّر “سيلفي” والتبجّح أمام أهلهم أنّهم كانوا هناك، وهكذا فنحن أمام حوالي ألف مواطن تجّمعوا في مكان وعدوا في يوم أنّه سيجمع مليونية، ولكنّ حسابات الحقل ليست كحسابات البيدر وهذا ما كان.
تُرى، مع كلّ هذه الاعتبارات، هل كان ضرورياً تلك المواجهة الناعمة الخشونة؟ تُرى هل كان ضرورياً للأردن أن يظهر وكأنّه يمكن يضع آلاف رجال الأمن مقابل مئات “الواقفين”، وذلك يُذكّرنا بزملينا الأستاذ الراحل عبد الله حمدان، الذي نشر في “الوطن” الكويتية تقريراً عنوانه:” مئات رجال الأمن يُفرّقون عشرات المتظاهرين أمام السفارة الأميركية في جبل عمان”، وكان ذلك في ثمانينيات القرن الماضي؟
في تقديرنا أنّ الحكومة تباطأت كثيراً كثيراً في دراسة العفو العام، مع أنّ ذلك كان أهمّ مطالب الحراك الشعبي ومفروغاً منه، وتحرّكت بسرعة بعد توجيهات الملك التي تداركت التباطؤ الحكومي، ولكنّ ذلك أتى في اليوم الموعود من التحرّك الشعبي، وذلك في تقديرنا أيضاً أوصل إلى أنّ عدد المتواجدين من “الواقفين” كان أقلّ بكثير الكثير من المعتاد والمتوقّع، لسبب التدخل الملكي.
السؤال عمّا ظهر على الشاشات من صورة غير حقيقية عن الأردن مشروع لنا، وهو سؤال ينبغي على الحكومة أن تدرسه بعناية، فتأزيم الشارع يمكن أن يكون لسبب رخوة في التصرف، ودراسة ما هو مدروس أصلاً (العفو العام)، وبالتالي إظهار الدولة وكأنّها ضعيفة في السياسات، ولكنّها تُعلن قوتها في الأمن في الوقت غير المناسب.
ويبقى أنّ علينا القول إنّ ذلك المشهد تكرّر كثيراً وهو يُشكّل عبئاً حقيقياً على صورة الأردن أمام الأردنيين، قبل الخارج، وحتى نكون صريحين أكثر، فالحكومة هي السبب، وإلاّ فكان أمام الرئيس الدكتور الرزاز أن يخرج من مكتبه ليواجه نحو ألف شخص محتشد أمام مكتبه، كما استقبل حوالي ثلاثين شخصاً من “الحراكيين” في مكتبه قبل يومين، لا أن يواجههم بأنواع القوات الأمنية..