يذكر أنه في ذات الفترة التي ظهر فيها المونولوجست المصري شكوكو وطارت شهرته في الآفاق، لم يكن الناس،حينها، في مصر والعالم العربي، لو سألتهم، ليتعرفوا على المفكر والأديب الكبير عباس محمود العقاد!. وهذه كارثة تحدث غالباً.ما أريد قوله إن الجماهيرية التي تحيط ببعض الأفراد من فنانين وكتّاب ومثقفين لا تعني بالضرورة أن هذا الشخص أو ذاك استطاع أن يضيف قيمة فكرية أو فنية أو توعوية لمجتمعه ومحيطه.
ليس سرّاً أن البروبجندا المركزة تؤثر في ذائقة وثقافة الأفراد التي تتأثر سلبا بما يتم تركيز الضوء عليه بشكل لا يعكس المضمون ولا يغوص في الحقائق والأبعاد.
يتراءى لك أحيانا أن مجتمعاتنا العربية ما تزال تعاني ذائقة فكرية مأزومة، وأزمة ثقافية حقيقية حين لا تميز بين الغث والسمين وإنما تهرول وراء الأكثر انتشارا، والأكثر رواجا،والأكثر ظهورا، والأكثر بطيخاً..! فكثير من أدعياء الثقافة والفن والفكر يظهرون لك أنى تولي وجهك بدافع شهوة المجد.. مقابلة في التلفزيون وغدا في الإذاعة وبعد غد في الصحف والمجلات،في كلام مكرر يستنسخ ويجتر ذاته عبر كل وسيلة تضمن زيادة الانتشار وتغذية حب الظهور وتضخيم الأنا.
على الجانب الآخر هناك من تبهرك كل مرة عباراته الرقراقة المتغرغرة بالفصاحة وحكمته السيّالة حتى إذا جاد عليك الزمن بلقياه والتحدث إليه ومناقشته اصطدمت بالضحالة وركاكة الفكر وهشاشة الطبع، فيبدو كمن ليس له علاقة بصاحب الكلام المنمق فوق صفحات المجلات والجرائد وشاشات التلفزيون وأثير الأذاعة، حينها فقط تدرك أن وقتك في متابعته قد وئد عبثاً.
الشهرة لم تكن يوما ولن تكون شهادة فخرية لمولد كاتب أو الإعلان عن مفكر أو فنان، فالشهرة قد تتأتى لقزم فكري أو مهرج ثقافي يعرف كيف يستغل المواقف ويشحذ الصيت والوهج دون أن يعلم أن عجلاته الثقافية والفكرية ستتحطم أمام أول حجر معرفي،أما المبدع الحق فمن البديهي أنه يتحلى بخجل فطري يصونه من الاندفاع إلى صراع الديكة.
من المسؤول عمن يجري.. هل هم الناس الذين يخاصمون الثقافة ويمسكون بقشورها دون اللب، أم البروبجندا التي لأسباب مادية أحيانا أو لأسباب ملء الفراغ أحيانا أخرى تفرض علينا هذا العطن الفكري، أم أن اللوم وحده يقع على أولئك المتورمين بذواتهم دون أن يجدوا من يردعهم؟ على كل حال، الزمن وحده كفيل بغربلة القمح عن الزوان!. والسلام.
ranaframe@yahoo.com www.maktoobblog.com/shawar2