بين "العفو العام" و"خزينتنا" تناقض كبير!!!!
علاء القرالة
13-12-2018 02:02 AM
هناك "تناقض كبير" بين المطالبة بإصدار عفو عام، بما يعنيه من إعفاء غرامات ومخالفات وغيرها من الأموال التي هي برسم التحصيل للخزينة وتقدر بملايين الدنانير، و بين حكومة ربما تستجيب وهي تعاني عجزا وارتفاعا في المديونية وتجتهد في إجراء الاصلاحات الاقتصادية والمالية والتي هي موضع خلاف لا اتفاق.
لا غرابة في أن يطالب النواب بالعفو العام.. فهم أحوج ما يكونون إلى انتشال أنفسهم من انعدام ثقة الشعب بهم ومحاولة ترميم صورتهم التي تهرأت في الشارع.
ولا ضير في مطالبة الغارمين ومرتكبي المخالفات وغيرهم بالعفو العام؛ فهو لصالحهم، إذ يعفيهم من دفع ما عليهم من مستحقات ملزمة نتيجة مخالفتهم للقانون، غير أنه من غير المنطق عدم مراعاة مصالح الدولة والاقتصاد الوطني وغض البصر والبصيرة من قبل "الحكومة والنواب والمواطنين" عن خزينة تعاني الويلات جراء العجز وارتفاع المديونية وتراجع معدلات النمو.
لربما تقوم الحكومة بإصدار عفو عام، لتعلن بذلك العودة إلى الوراء من جديد والعودة إلى مرحلة طلب الشعبويات على حساب المصلحة العامة وأهدافها الرامية إلى تحقيق الإصلاح، معلنة عن تعثر برنامجها الإصلاحي بتوجيه دعم سخي ليس للفقراء ومتوسطي الدخل هذه المرة، بل للمخالفين للقوانين والتشريعات بغض النظر عن نوعها.
تقديرات أولية تشير إلى أن مجموع الغرامات والمخالفات ستتجاوز عشرات الملايين. وهي مبالغ تسعى الحكومة الى تحصيلها من قانون ضريبة الدخل الجديد ومن برامجها الاصلاحية، فكيف لها أن تعفي هذا المبلغ للمخالفين للقانون وتسعى إلى تحصيله من مواطنين وشركات ملتزمة بالقانون والأنظمة من خلال "ضريبة الدخل"؟!
فهناك تناقض يتنافى مع واقع الخزينة والسياسة المالية ودولة القانون والمساواة التي نسعى بكل جهودنا الى المحافظة عليها ضمن معدلات انحدار مقبولة حاليا.
وهنا لابد من توجيه السؤال إلى طرفي المعادلة،"المطالبين بالعفو العام والحكومة التي تدرس": هل قمتم بتقدير ما سيترتب على الخزينة؟ ولماذا لا تصارح الحكومة الشعب بهذه الحقائق؟ ولماذا تلتزم الصمت في ضوء ما هو معلوم لديها من أرقام مالية؟
والسؤال المهم: هل انتهت مشكلتنا الاقتصادية وبدأنا نتنفس السعداء وتتراجع مديونيتنا وانخفض عجزنا وعدنا إلى أيام الرخاء؟
والسؤال الأهم لماذا يدفع الملتزمون الاستحقاقات ويعفى منها المتهرب والمجرم والسارق والمخالف للقوانين والأنظمة؟
لعل الجواب وباختصار سيكون: عودة الى الوراء نحو الشعبية وباتجاه المجاملة على حساب الوطن والاقتصاد، بغض النظر عن نتائج القرار وإلى أي مصير سيقودنا خلال السنوات المقبلة.
الراي