حين تذهب إلى مطعم شعبي بدك تفطر حمص وفول وفلافل مع كاسة شاي بدينار.. فإنه بكل تأكيد لن تكون قادرا على أن تطلب أدنى أنواع لخدمات.. فحتى لو كانت شوارب الجرسون كثيفة مثل غابات عجلون وتحتها خم حصينيات ويصلح هذا الشخص لاستقبال المساجين في الجويدة وليس استقبال زبائن في مطعم فلا يمكن أن تجرؤ وتطلب منه ولو رغيف خبز، ولو كانت تجرى تحت قدميك مباراة خماسي بين الفئران والصراصير فكل ما تستطيع فعله أن ترفع قدميك عن الأرض حتى لا يتسلل صرصور إلى داخل بنطالك. وحتى كاسة الشاي لو كان مطبوع عليها كل بصمات من شربوا الشاي في المطعم من لحظة افتتاحه فإن كل ما تستطيع فعله هو أن تشرب وأنت مغمض العينين، أما إذا (انحشرت) وكان لا بد وان تفعلها فلا يكمن أن تعترض أبدا او أن تصرخ إذا أزاح أحد الستارة عنك وأنت متقند وماخذ راحتك فكل ما تستطيع فعله بعد أن يقال لك “خلصنا”.. هو حاضر بس دقيقة!
نعم أنت لم تدفع ذلك المبلغ لتحصل على خدمة مقبولة بينما إذا دخلت الى مطعم ودفعت بدل نفس الوجبة عشرة دنانير.. فإن لم يكن الجرسون أحلى من راغب علامة فإنك قد تعترض وتطلب تغييره فورا.. أما كاسات الشاي إن لم تكن تلمع لمع من النظافة فإن عدم لمعانها قد يدفع مدير الصالة الى الاستقالة مع مدير المجلى.. اما التواليت فقد تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا لم يتوفر على مداخله معقمات يدين مع مناشف ورقية معطرة وربما موسيقى كلاسيكية حتى تتجلى!
هذه هي معادلة الدفع العادلة، وفي الأردن حين كانت الأسعار معتدلة ولم يكن هناك ضرائب كان من يقع في منهل لا يستطيع أن يعترض أو يشتكي على مدير الأشغال!
اليوم بمقابل ما ندفع نريد خدمات.. أولها لا يوجد باب مسؤول مغلق، او أطلب موعدا، او المسؤول في اجتماع.. ويجب أن تنفذ فورا سياسة الباب المفتوح بتعميم من رئيس الوزراء.
اما تعال بكرة فيجب أن تلغى من قاموس الإدارة الأردنية، لأن ما أدفعه من ضرائب لو دفعته في بلاد أخرى لأرسلوا لي المعاملة جاهزة بالبريد مع باقة ورد، وليس موظف كشرته بتقطع الخلف يقول لي: تعال بكرة حتى يبحث مع زملائه من أين سيشتري زيت الزيتون؟!
ونحن نتحدث عن حكومة ألكترونية فيجيب أن يكون لكل مواطن ملف فيه كل أوراقه الثبوتية موزع على كل الدوائر والوزارات الخدمية.. بحيث حين يضع الموظف الرقم الوطني يظهر له كل ما يريد من اوراق بدل أن أحمل كل مرة ملفا أكبر من ملف إيران النووي.. لينتهي هذا العصر المتخلف من تصوير الاوراق التي لها داع وليس لها داع لأكمال المعاملة.
أما والرئيس يتحدث عن تحسين الخدمات الصحية، فالمطلوب فورا أن يمنع علاج المسؤولين إلا في المستشفيات الحكومية أو على حسابهم الخاص إذا أرادوا العلاج في المستشفيات الخاصة، كدليل عملي أن المستشفيات الحكومية قادرة على خدمة المرضى.. فإن عولج المسؤول خير وبركة، وإذا ما انتقل إلى الرفيق الأعلى بخطأ طبي فسنحسبه شهيدا للإصلاحات ولمشروع النهضة!
اما إذا ظهر في تقرير ديوان المحاسبة المقبل أن أحدا من مسؤوليكم اشترى سمكا مشويا من موازنة الدولة أو أبريق شاي مزخرف.. فعليكم الاستقالة دون حراك أو نقاش!
الغد