"عمون" تحاور رئيس "عمان العربية" وتتعرف إلى أسرار قصة النجاح الجامعي
12-12-2018 03:55 PM
الدكتور سليم: أجواء الحرية والإصلاح الجامعي المدروس وتلبية احتياجات السوق تمثل ريادة "عمان العربية"
عمون - كرئيس لجامعة خاصة أردنية غير ربحية، تخصصت في البداية كجامعة للدراسات العليا، والآن شاملة لبرامج البكالوريوس، لا يخفي الأستاذ الدكتور ماهر سليم تطلعاته في الانتقال بجامعة عمان العربية، إلى مصاف متقدمة في الريادة والابداع.
فجامعة عمان العربية إحدى الجامعات الرائدة في مجالات التعليم الجامعي والبحث العلمي وخدمة المجتمع. تبنت رؤية واضحة مكنتها من الريادة وتبوأت دورا طليعيا بين الجامعات الاردنية والعربية.
تأسست "عمان العربية" عام 1999 كجامعة خاصة غير ربحية تختص بالدراسات العليا وذلك تحت مسمى جامعة عمان للدراسات العليا، وهي معتمدة اعتمادا خاصا وعاما وعضوا في اتحاد الجامعات العربية، في مطلع 2009 فتحت باب القبول والتسجيل في برنامج البكالوريوس وتغير اسمها إلى جامعة عمان العربية.
الان هذه الجامعة الاردنية تعد واحدة من قصص النجاح في قطاع التعليم العالي، فما سر هذا النجاح؟، وكيف تمكنت من تحقيقه؟، وإلى أين تصبو، في ظل، انجازاتها في مجال التوسع بالتخصصات التطبيقية كتخصص علوم الطيران، والنشاط الواضح في مجال المبادرات المجتمعية؟.
نهج التغيير
يؤكد الأستاذ الدكتور ماهر سليم، في حوار مع (عمون) أن الجامعة تتبع نهج التغيير والتجديد المنهجي الذي لا يقتصر على الرتوش بل يتعمق في البناء التعليمي ـ أيضا.
ويقول إن إدارة الجامعة ومجلس أمنائها يتبع استراتيجية تستهدف التطوير بالعملية التعليمية سواء على صعيد استحداث التخصصات وفق معياري احتياجات سوق العمل، ومواكبة متطلبات تطوير الموارد البشرية، أو إدماج الأساليب التفاعلية في العملية التعليمية وإكساب الطلبة المهارات والمعارف اللازمة لرفع القيمة التنافسية للطالب الخريج.
فالجامعة- بحسب الدكتور سليم- تعتمد أساليب تدريبية يتم شمولها في أيَ خطة دراسية وإعطائها ثقلاً حقيقياً في تقييم الطالب،كما تتبنى أساليب حديثة في التعلّم تضمن تفاعل الطلبة، وإثارة الفضول، والتفكير والتحليل لديهم، والابتعاد عن التلقين والحفظ، عبر حلقات العرض والنقاش وإبداء الرأي ضمن مجموعات صغيرة وكبيرة، بهدف تقديم تعليم وتدريب عصري يقود إلى شهادات علمية ومهنية معتمدة عالمياً.
وفي هذا الصدد، قال الأستاذ الدكتور ماهر سليم إن الجامعة تعمل على تعزيز البحث العلمي التقني البحت، وتوجيه الدعم المالي للمشروعات العلمية مباشرة، والمشروعات التي تخدم المجتمع المحلي، مبينا عن توجه الجامعة، بتشجيع من مجلس الامناء، إلى إنشاء مراكز بحثية متخصصة في الكليات للتشبيك مع مراكز الأبحاث الوطنية والعالمية، وبما يفضي لدعم وتطوير البحث العلمي.
يعد الأستاذ الدكتور ماهر سليم، وهو خريج جامعة دبلن، والحائز على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية، واحدا من رؤساء الجامعات المميزين لذلك تولى العديد من المناصب كرئيس لجامعات أردنية، غير أن خبرته الناتجة عن عضويته في مجلس التعليم العالي، يوظفها في كيفية إدارة جامعته التي تحوز على سمعة متقدمة في المزاوجة بين التعليم النظري والتطبيقي، وتجويد المخرجات الأكاديمية بما يضمن إكساب الطالب ميزات تنافسية في سوق العمل.
سر النجاح ..
يكشف الأستاذ الدكتور سليم عن واحد من أهم اسرار النجاح في إدارة الجامعات، عبر إشاعة أجواء وفضاءات تسمح بالاختلاف وتحترم التعددية، من منطلق إيمانها بالوسطية والاعتدال، التي يجب أن تعمل على تكريسها لدى طلبتها عبر قبول واحترام الاخر، ونبذ التغول والإقصاء، مؤكدا ان الجامعات هي المسؤولة عن هذا الدور كونها منارات علم ومنابر تنويرية "لا يقبل منها ان تفشل في تحقيق هذا الهدف".
وفي هذا الصدد، يوكد أن جامعته تتبع نهجا مهما في اللامركزية الإدارية عبر منح صلاحيات واسعة لرؤساء الأقسام، بحيث يصبح رئيس القسم هو العميد في قسمه، وتم منح العمادات صلاحيات في إصدار القرارات حتى يتم حل جميع القضايا الإدارية والأكاديمية داخل الكليات.
لا حدود للتطلعات
وحول التطلعات التي تصبو الجامعة وإدارتها وأسرتها الأكاديمية والإدارية لتحقيقها ولا تحيد عنها وهي الريادة والتميز على جميع المستويات في التخصصات، والبحث العلمي والتعليم والتعلم، إذ تعمل الجامعة نحو تعزيز البحث العلمي التقني البحت، وتوجيه الدعم المالي للمشروعات العلمية مباشرة، والمشروعات التي تخدم المجتمع المحلي؛ بمعنى أن يكون مؤداها لحل المشكلات في قطاعات الصناعة والتجارة وغيرها من القطاعات الاقتصادية والتنموية الحيوية، ولخدمة هذا الهدف ستعمل الجامعة على استحداث كل ما هو جديد من تخصصات علمية وتقنية بما يتواءم مع سوق العمل فضلا عن إعداد مراكز بحثية متخصصةبالتعاون مع مراكز الأبحاث الوطنية والعالميةبما يفضي لدعم وتطوير البحث العلمي.
عمل الجامعة ليس وليد الصدف، بل هو عمل مخطط له ونابع من استراتيجيات، إذ يؤكد الدكتور سليم أن الجامعة عملت على وضع استراتيجية جديدة من (2018-2023) تحكم عملها للفترة القادمة، ولهذا تم تشكيل لجنة برئاسته لوضع الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية وحتى تكون مؤشراً للأداء وسوف يتم التركيز على مؤشرات الأداء لهذه الإستراتيجية وفترة الإنجاز انبثق منها استراتيجية لكل كلية منسجمة مع استراتيجية الجامعة، وشارك الجميع بصياغتها وتنفيذها.
قصتنا مع الطيران
الامثلة على الريادة في الجامعة عديدة لكن أبرزها التشبيك بين الخطط الدراسية واحتياجات سوق العمل، فجامعة عمان العربية وانطلاقا من رؤيتها ورسالتها في السعي إلى التميز وتجسيد روح الريادة والإبداع في جودة التعليم وأصالة البحث العلمي وخدمة المجتمع، استحدثت –على سبيل المثال- كلية لعلوم الطيران بالشراكة والتعاون مع أكاديمية الطيران الملكية الأردنية تمثل انعطافة مهمة نحو التعليم التقني، وهو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حسب تصنيف أكاديمية الطيران الملكية الأردنية، بحيث يمنح هذا التخصص البكالوريوس في صيانة الطائرات، حيث إن هذا التخصص لا يوجد فيه ركود بسبب ازدياد أعداد شركات الطيران في مختلف أنحاء العالم.
فيدرس الطالب في هذا التخصص التقني التطبيقي مساقات تدمج بين النظري والعملي، ومنها مساقات في رياضيات وفيزياء الطيران ، وقانون الطيران والسلامة الجوية، ونظرية الطيران، وأساسيات الديناميكا الهوائية -نظريا وعمليا- ومواد وأدوات بناء الطائرة المعدنية، وأساسيات الكهرباء، وأنظمة وهياكل الطائرات التوربينية، والمحركات التوربينية.
وهذا التخصص ينسجم مع سياسة واستراتيجية التعليم العالي في التحول نحو التعليم التقني، كما أنه ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية التي عبرعنها جلالة الملك في الورقة النقاشية السابعة بضرورة بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة، لذلك يركز التخصص على الجانب التطبيقي التقني.
إن حدود الريادة في "عمان العربية" ليست محصورة بالتعليم والبحث العلمي بل تتسع لخدمة المجتمع المحلي، إذ تنشط المبادرات المجتمعية في الجامعة في تكريس مسارين مهمين لدى الطلبة وهما: المبادرات والمشروعات الصغيرة، إذ وفي فترة قصيرة تمكنت الجامعة من تعميم ثقافة العمل الريادي والتطوعي، و تفجير طاقات طلبة تطلعوا لمنصة تمكنهم من تفجير طاقاتهم الابداعية في العمل والتسويق.
وصار لدى الجامعة نحو أحد عشر مشروعا رياديا من المشروعات الصغيرة، وقد يرتفع لـتسعة عشر مشروعا ينفذها الطلبة بإشراف وتوجيه من أساتذتهم، وبشراكة مع جامعتهم التي توفر لهم الدعم اللوجستي، كما أن نحو ثلاث وعشرين مبادرةً مجتمعية هي من تفكير وتنفيذ الطلبة امتدت آثارها إلى المجتمع المحلي الذي لمس نتائج الحاضنة الريادية في الجامعة.
أدوار غير تقليدية
لا يخفي الدكتور سليم أهمية أن تضطلع الجامعات بأدوار غير تقليدية في مجالات التعليم والبحث العلمي، نظرا للتحديات التي يعاني منها قطاع التعليم العالي، إذ يؤكد الدكتور سليم أن هناك تحديات مازالت تواجه قطاع التعليم العالي، من أبرزها عدم قدرته على تأمين رأس المال البشري والمعرفي المناسب واللازم للمجتمع، ولسوق العمل، وإخفاقه في مجال الاختراعات والاكتشافات العلمية، لتدني البحث العلمي، والدعم المخصص له، فمستقبل التعليم ومؤسساته يتطلب إصلاحاً شاملاً في مناحٍ متعددة، ويجب التعامل معها بشكل علمي، ودون محاباة أو إغفال للحقائق.
لذلك يشدد الدكتور سليم على ضرورة إطلاق عملية إصلاح شاملة لتتمكن الجامعات من تأدية وظائفها الرئيسة على أكمل وجه؛ من تعليم، وإعداد موارد بشرية، وبحث علمي، وخدمة مجتمع في مناخ يسوده التركيز على مفاهيم الحرية والديمقراطية والاستقلالية واحترام الرأي والرأي الآخر، وتبادل الآراء، والتفكير الحر، وإزالة عقدة الخوف من إبداء الرأي، وغرس مفاهيم الريادة، والعمل الحر، والمشروعات، والخروج من دائرة التعليم من أجل الوظيفة فحسب.
وهذا يتطلّب تغييراً فعلياً في عقلية إدارات التعليم وطريقة تفكيرها على المستوى الوطني والمؤسسات التعليمية ذاتها، واتخاذ القرارات الجريئة وغير التقليدية، ومراجعة عناصر العملية التعليمية التعلّمية من بنية تحتية توفر بيئة تعلّم حديثة تمكن المؤسسة التعليمية بعناصرها المختلفة من الاستفادة من التكنولوجيا والوسائل الحديثة، وتخلق عند إدارتها والأساتذة والطلبة ثقافة الجودة والتميّز والريادة، وتكون الجامعة أداة فاعلة في بناء الاقتصاد الوطني ودعامة حقيقية للتنمية المستدامة.