ليس ترفا أن نسأل عن مشروع الدولة الثقافي ، في ظل غياب للهوية الوطنية الأردنية والتي تعتبر البوصلة الحقيقية لروح الدولة ، والتي برأيي غير خاضعة للتفاوض أو البديل ، وتنعكس على المنتج الثقافي حتى لو كان الأثر الإنساني هو الأصل ، لكن الهوية الوطنية تمنحه البصمة المختلفة والتي لا تتشابه مع الآخرين .
يلتمس الكثيرون حالة من الضياع ربما نتيجة لحالة التشظي للعمل الثقافي المؤسسي وإبتعاد للهوية الجامعة وسيادة الهويات والولاءات الفرعية الآخرى في المجتمع .
مشروع الدولة الأردنية الثقافي الذي تشكل مبكرا كان في الستينات وبداية السبعينات يحمل مشروع بناء الدولة ومقاومة الصهيونية ومشاريعها ، وقاده آنذاك الشهيد وصفي التل لذا ظهرت مشاريع الإعتماد على الذات ومشاريع معسكرات الحسين للشباب وبناء الجامعة الأردنية والتلفزيون الأردني وإنتاج الدراما وأغاني أردنية والتركيز على الكلمة والموسيقى .
إن التنوع السكاني والديموغرافي والحضاري ( بدو ، ريف ، مدن ومخيمات ..) يعكس تنوعا ثقافيا ، وهذا يقودنا إلى تكامل المنتج الثقافي وليس التشابه شرطا ، وسيكون غنيا بكل ألوان الإبداع التي توثق المكان والإنسان .
يحتاج مشروع الدولة الثقافي أن يؤمن به الجميع ويساهموا في صناعته ، يرتكز على الثوابت الوطنية ( العرش ، الجيش ، الوحدة الوطنية ) ويتشكل من إحترام الحريات والقيم الإنسانية المجتمعية ويحافظ على العقائد الدينية ويدعو للتسامح والعدل والمساواه ، وهو السبيل نحو مكافحة الأفكار الهدامة والتطرف والفكر الضال ، خاصة بين الشباب الذين ينجذبون نحو أي مشروع ثقافي بديل في ظل غياب مشروع الدولة .
لا ننسى دور المؤسسات الثقافية سواء الحكومية أو الخاصة في بناء المشروع الثقافي وأن يكون عنصر التكامل هو السائد وليس التنافس أو التشابه والنسخ المكرر ، وأن تمنح المحافظات دورا فيه ، نحن بحاجه لجذب الطاقات الإبداعية في الأطراف والمناطق المهمشة والفقيرة ، وأن يتسع للمرأة والطفل والموهوبين أيضا.
الشباب الذين يلجؤون للشارع فقدوا الأمل بالمشاريع القائمة ، تجذبهم شعارات مكافحة الفساد والتهميش وضعف الخدمات الحكومية ، هم جيل الإنتظار الذي جرفهم الفقر والبطالة وتبخرت أحلامهم ، واليوم يحاكون لتجارب دول أخرى تجعلهم أقرب إليهم من دولتهم الأم .
نحتاج اليوم لمشروع الدولة الثقافي ويضع الجميع أمام البوصلة الوطنية الوحيدة والتي ستوجه نحو مستقبل الأردن الذي نريد .