رؤى وحلول للأزمة الأردنية الراهنة
أ.د. أمين مشاقبة
10-12-2018 02:28 PM
ان حالة الوعي السياسي العارم ، و الادراك العقلي للواقع الأردني هي كينونة أبناء الشعب الأردني العظيم ولا يختلف اثنان على أن الشعب الأردني شعب واع و مدرك لواقعه و حالته ، و مؤمن بوطنه و نظامه و يسعى الى اعادة النظر بالنهج الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي لما خلفه هذا النهج المتبع من واقع مرير صعب العيش معه و به .
ان الاحساس بالظلم ، و القهر ، و الفقر و التهميش دفع العديد من الشباب للتحرك نحو الشارع و تحديدا الدوار الرابع بعيدا عن الاحزاب الساسية ، و النقابات و الاتحادات و اي شكل من اشكال التنظيم هذا الحراك الشبابي المفعم بالحيوية و النشاط الذي لم تؤثر عليه أجواء البرد و الشتاء وهذا دليل العزم و الحزم على أحداث التغير السلمي و المنشود مؤمنين باحترام النظام و احترام الممتلكات العامة بدون تخريب أو شغب عبر خمسة أيام لم يحدث أي من أحداث الشغب أو التخريب و هذا مؤشر على الانتماء و الولاء للدولة و النظام ، و أدب و خلق الجماهير الأردنية العريقة و ايمانها بتراب الوطن ، و عدم تلويث الحراك بأي صبغة سلبية و قد استمعت للعديد من الشباب المؤمنين بثوابت الوطن و أملهم بالحفاظ على الأمن و الاستقرار ، لكن شعاراتهم اتسمت بالمطالب المتمثلة بالعفو العام ، الضرائب ، تدني الأجور ، الفقر ، البطالة و مستوى معيشي جيد و ربما هذا مطالب محقة في ظل تراجع النمو الاقتصادي العام ، و استمرار التضخم و الغلأ و صعوبة العيش من هنا أتت شعارات اقتصادية ، اجتماعية بحثا عن الأمل بالمستقبل و العيش الكريم ، ان الفقر و البطالة وجهان لعملة واحدة كل منهم يبعث على الأخر ، أن خط الفقر العام يصل الى 859 دينار للفرد /سنويا بمعدل 70 دينار شهريا و لأسرة مكونة من 5.8 أفراد يصبح 406 دينار والحد الأدنى للأجور هو 220 دينار ، و صندوق المعونة الوطنية يقدم للأسرة الفرد 50 دينار وللأسرة أربعة أفراد أو أكثر 160 دينار فكيف لمثل هذه الأسر أن تعيش في ظل الغلأ و الضرائب ؟ البطالة حسب تقديرات وزارة العمل تصل الى 18.7% و اذا ما اخذنا فقط الرقم في ديوان الخدمة 370 ألف متقدم بالطلب تكون البطالة 26.5% ناهيك عن الأمراض الاجتماعية المصاحبة للحالة مثل المخدرات و الجرائم المتعددة الأنواع ، هذه حالة الغالبية العظمى من أبناء الشعب الأردني العريق ، فهل هم مواطنون لهم حقوق و عليهم واجبات أم هم رعايا ؟ الأردني أصبح يقارن نفسه بالاجئ السوري أو الوافد الذي يرى أن اوضاع هؤلاء الوافدين و الاجئين أفضل من أوضاعهم و هذا شعور غير مريح للمواطنين الذين يتم معاملتهم مثل الغرباء ما هي مزايا الأردني في وطنه ؟ انهم مواطنون و ليس رعايا !! فالاجراءات التنفيذية المتصاعدة و الكثيرة ترهق حياة المواطن و تشعره بأنه غريب في وطنه و تدفعه للتفكير بالهجرة ، أو الانتحار ، أو الجريمة فمستوى السعادة ضعيف جدا يبعث على الاكتئاب ، و الاكتئاب أحيانا يدفع للعنف و هذا ما لا نرغبه أو نتمناه لأبناء الوطن الشرفاء ، فالمواطن مواطن و ليس لاجئ في وطنه ، أو رعية ، الأردني حر أصيل أبا عن جد و يستحق الأفضل من أي حكومة أو مؤسسة تابعة لها أو من أي موظف أو مسؤول مهما علا منصبه .
ان هذا الحراك الشعبي يجب أن يتم الاشتباك معه ايجابيا سعيا للاحتواء الايجابي و ذلك بتحدي المشاكل و مواجهة المطالب المشروعة بحلول واقعية و عملية يلمسها المواطن في حياته تبدأ بالحوار البنّاء الهادف للوصول لقوائم مشتركة فالشعب و الحكومة منا و الأدوات قريبة من الجميع ، و تبدأ باعلان النوايا الحسنة من قبل الحكومة الرشيدة حول نهج سياسي اقتصادي جديد يحمل مضامين حقيقية و قريبة من الواقع تبدأ بالعمل الجاد على محاربة الفساد جديا و قرارات حاسمة بالعلن يستطيع المواطن أن يلمسها أو يراها و فعلها منعكس على أرض الواقع ،
_اعادة الولاية العامة للحكومة استنادا لنص المادة 45 من الدستور
_وقف كل التدخلات بعمل الحكومة و قراراتها من اي جهة كانت
_تحصين قرارات الحكومة في مجالات السياسة العامة للدولة
_تحطيم جميع مراكز القوى و النفوذ ووقف تداخلاتها المتعددة و المختلفة
_اعلان العفو العام الفوري
_تخفيض ضريبة المبيعات على السلع الأساسية
_رفع الحد الأدنى للأجور مبلغ مائة دينار أردني ليصبح 320 دينار
_تحسين المستوى المعيشي و تحسين الرواتب بشكل عام
_الغاء بند فرق أسعار الوقود من فاتورة الكهرباء
_تحسين كافة أشكال الخدمات في كافة أرجاء المملكة و المتابعة الحثيثة لمجريات الخدمات العامة المقدمة للمواطنين
_تخفيض أسعار النفط و مشتقاته بما يتناسب مع الانخفاض في الأسعار العالمية
_تخفيف الاجراءات التنفيذية و اراحة المواطن في حياته اليومية
_العمل على وضع برنامج واضح و محدد لوضع الحلول السريعة و المتوسطة و طويلة المدى في التشغيل لتخفيف حدة
البطالة
_تبني مشروع وطني للتدريب و التأهيل في الوزارات و المؤسسات العامة و التدريب بنصف الراتب على الأقل و أن
تكون البرامج في كل محافظة على حدة
_زيادة مخصصات الأسرة ، و الأسرة الفرد من صندوق المعونة الوطنية
_توسيع برنامج الأسر المنتجة في كافة المحافظات بمسبة 10% لكل سنة هذا غيض من فيض لاحتواء الأزمة القائمة ووقف الحراك الذي اذا استمر فأنه سيكون ككرة الثلج أي متراكم و متسع و معالجة الأن أفضل من الانتظار ، حكومة فرنسا و هي سادس اقتصاد في العالم تراجعت عن رفع أسعار الوقود و زيادة الضرائب و هذا ليس معيب ما دام الهدف هو الاستقرار السساسي و ازالة حالة الاحتقان الشعبي الذي يتفاقم يوما بعد يوم و الحفاظ على الوطن الدولة .
و أخيرا و ليس اخرا فأن أي حركة تصحيح اقتصادي سيكون لها ثمن و الثمن تدفعه الطبقة الفقيرة و الوسطى و هذا ما حصل، و عليه فأنه يتوجب على دولة الرئيس اعادة النظر في الأولويات و السير في نهج واضح يقلل من تأئيرات الثمن على الطبقتين و الهدف الأسمى هو الرضا العام و رفع مستوى الشرعية السياسية للنظام السياسي و الحفاظ على وحدة الدولة و صيانتها .
Almashaqbeh-amin @hotmail.com