هناك من يظن ، وبعض الظن اثم ، ان أراضي الاغوار مهددة اليوم بشكل واضح ، فبعد ان تنازلت سلطة وادي الاردن عن الاراضي الواقعة قبالة البحر الميت لصالح هيئة المنطقة التنموية الخاصة ، يجري الحديث ، سرا ، عن توجه مقبل لالغاء سلطة وادي الاردن ، وعن تحرير بيع الاراضي في الاغوار ، تحريرا كاملا ، بحيث يتمكن اي مستثمر اجنبي ، واي شركة اجنبية ، من شراء الاراضي ، مثل اي اراض اخرى ، في المملكة.
الحكومة بدورها ردت على هذه المعلومات بتصريحات أكدت فيها ان لا توجه حاليا لتعديل قانون سلطة وادي الاردن ، الذي تم وضعه في السبعينات ، وان لا توجه حاليا لالغاء سلطة وادي الاردن ، وان الحكومة لم تجر أي دراسات على هذا الامر ، وانه اذا أجريت تغييرات فهي ستكون ضمن اي مراجعات عامة للقوانين ، واوضاع المؤسسات ، والحكومة اذن تنفي المعلومات لكنها تلمح بشكل "غير مباشر" الى ان قانونا تم وضعه في السبعينات لا يصلح للالفية الثالثة ، وان كل شيء محتمل ، دون ان تتورط بالاعتراف بوجود شيء ما ، تجاه اراضي الاغوار ، يجري بعيدا عن الضوء ، ونأخذ رد الحكومة بصدقية ، لكننا نحذر فقط من المستقبل.
الاراضي في الاغوار تكتسب خطورة مضاعفة ، لانها خصبة ، ولانها محاذية للاحتلال الاسرائيلي ، ولان مزارعي الاغوار غارقون في الديون ، وكل مشتر للارض في الاغوار تذهب معاملته الى سلطة وادي الاردن فتدقق النظر فيها ، وفقا لشروط معينة ، واحيانا يتم البيع عبر مجلس الوزراء بالحصول على استثناء للاسس ، لكن المعلومات المتسربة حول احتمال الغاء السلطة ، واطلاق يد الشراء والبيع في الاغوار ، يعني ان هذه السلة الخصيبة ، مهددة ، لاننا سوف نشهد هجوما من الشركات على تملك الاف الدونمات ، وتحطيما للملكيات الفردية ، ويشعر مراقبون بأن عشرات الوحدات الزراعية قد بيعت في وقت سابق ، لاشخاص ، بشكل مثير للتساؤلات.
ايضا ، فان اراضي الاغوار ستشهد تغيرات واسعة فالاراضي الواقعة جنوبا في وادي عربة ، سيتم ضمها الى سلطة اقليم العقبة ، والاراضي مقابل البحر الميت رفعت السلطة يدها عنها ، فيما بقية قطع الاراضي يتم بيعها ، كوحدات زراعية كاملة او شراكة في سند الملكية ، او يغرق اصحابها في الديون والالتزامات ، وسيأتي غدا اصحاب اموال وشركات اجنبية لشراء الاف الدونمات ، بحيث يتم انهاء ملكية المزارعين ، وتدمير حياة الاف العائلات الفقيرة والمديونة ، وعودة الاقطاع تدريجيا ، ولربما الاقطاع الاجنبي ، بما يعنيه من استيلاء على اراض خصبة ممتدة ، والسيطرة عليها .
يأتيك البعض فيقول ان اسباب اقامة سلطة وادي الاردن ، قد زالت ، ويتهم السلطة بأنها تدخلت في عمليات البيع والشراء ، وصادرت ملكيات كبيرة ، ودفعت تعويضات بسيطة لاصحابها ، ونقلت ملكيتها الى مسؤولين ومتنفذين ، ويقول اخرون ان الحل هو في الغاء السلطة وتوزيع صلاحياتها على الوزارات والمؤسسات الاخرى ، وايا كانت اخطاء السلطة ، التي لا افتي حولها ، فان البديل المقبل "المحتمل" اخطر بكثير ، فالغاء السلطة ، اذا حدث ، سيعني ان تتحول اراضي الاغوار ، الى وضع مثل بقية اراضي المملكة ، وهذا يعني ان الاجانب والشركات ، سوف تتحرك في هذه المرحلة ، لاننا سنشهد بيوعات لا عد لها ولا حصر ، ولن يكون هناك أي عراقيل من سلطة وادي الاردن ، التي تمر الموافقات عبرها ، ولن نعيش الا سنوات قليلة ، لنكتشف بعدها ان اراضي الاغوار قد بيعت للاجانب وللاستثمارات الزراعية الكبرى تحت مسميات لشركات ، التي سيمررها مجلس وزراء اي حكومة موجودة ، باعتبارها استثمارا اجنبيا محببا ومقبولا.
غضبنا من اجل اراضي دابوق ، والاراضي التي عليها مؤسسات وطنية كبرى ، واليوم فان اراضي الاغوار قد تكون مهددة ، وعلى الجميع فتح عيونهم ، والتنبه لما يجري.
m.tair@addustour.com.jo