في العاصمةِ البريطانية لندن، وعلى مقربة من ساعتها العملاقة بيج بين، يتربع مبنى الايرادات والجمارك (HMRC) ليحاكي قصة وطن ومواطن، غني وفقير، لاجئ وعاجز، ليُسطر عبر تاريخه القديم والحديث ايقونة فكريةً في النظام الضريبي الاجتماعي القائم على التكافل والتضامن، التحصيل والتمويل، الإستثمار والإعمار.

في العاصمة عمان، وعلى مقربة من دوارها الثالث، يتربع مبنى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات (ISTD) ليحاكي قصة وطن ومواطن، متهرب وغير متهرب، خاضع وغير خاضع، معفي وغير معفي، ليسطر عبر تاريخه الطويل معضلة فكرية في النظام الضريبي الاجتماعي الفاقد للعدالة والوضوح، البساطة والمعرفة؛ القائم على التحصيل بعيداً عن التقييم، العامل على تناقض المعدلات الضريبية (Tax Rates) وتداخل الاعفاءات الضريبية (Tax Exemptions).

قانون لضريبة الدخل (IT) وقانون لضريبة المبيعات (VAT) وآخر للجمارك (Customs) وقوانين ضريبية متداخلة؛ وبعيداً عن تعدد الاجراءات وتغير المسميات الضريبية؛ وقريباً من اهمية الغايات يتساءل البعض عن اهمية تقديم الغني والفقير للاقرار الضريبي في النظام البريطاني، وعن التكامل الحياتي الاقتصادي الشامل، استناداً الى نظام ضريبي اجتماعي محكم يجعل من الفقير منتجاً للدخل والغني ممولاً للدخل؛ في نظام يحقق التكافل الاجتماعي الاقتصادي في اجمل اشكاله وصوره، ليجعل من الخدمات الصحية والتعليمية حقيقة فعلية؛ ومن الافكار الإيجابية والانجازات العملية قصيدة وطنية.

الم يدرك ساسة الفكر الاقتصادي الاجتماعي، وعمالقة التشريع الضريبي إلى ان الاصلاح الضريبي والمالي، الاقتصادي والاجتماعي يتماشيان بخط افقي يقتضي من القائمين على ذلك التفكير بعمق للوصول الى معادلة وطنية شمولية، تجعل من وزارة المالية ووزارة التنمية الاجتماعية وباقي الوزارات ومؤسسات الدولة أنموذجا للتكامل الوطني الذي يرى فيه الفقير والغني، الصغير والكبير مكاناً في حاضرهم وأملاً في مستقبلهم، وفق نظام يسمح بان يقدم الفقير اقراره الضريبي للحصول على معونة وطنية، ويقدم فيه الغني اقراره الضريبي للحصول على حصته الوطنية، يرافق كل ذلك تميز في التعليم والصحة والنقل للغني والفقير؛ نظاماً اقتصادياً اجتماعياً يكفل للمواطن العيش بكرامه وللدولة القائمة على القانون الأصالة، وفق قاعدة بيانات وطنية متكاملة اساسها النزاهة والحيادية، الشفافية والايجابية.