عجم الدوحة حلم عربي يتحقق
د.مهند مبيضين
09-12-2018 12:52 AM
للعربية لغة، قصتها عند الحديث عن النهضة العربية، تلك كانت معضلة الهوية العربية مفتتح القرن العشرين، حين كان حافظ ابراهيم يستنهض الأمة لأجل اللغة العربية بشعره، والنهوض باللغة أمرٌ لا تقوم به إلا الدول الحية، المدركة لقيمة اللغة والذاكرة، والمعاجم مسألة ونهج قديم، عند العرب ولجه أمثال الرازي والزبيدي وابن منظور وغيرهم، وهنا يحسب للبنان في الزمن المعاصر اهتمامها في ذلك. وعالمياً يعتبر قاموس اكسفورد أكبر وأهم المعاجم العالمية، والذي لا يعتبر أطول قاموس في العالم.
في سيرة المعجم الغربي هناك قاموس الأخوين جريم الألمانيين الذي بدأ العمل عليه في عام 1838 واكتمل في عام 1961. وهناك جهد في أيطاليا لأول قاموس أوروبي تمّ إصداره في عام 1612، وتبعه أول طبعة لقاموس فرنسي اصدرته الأكاديمية الفرنسية والذي يرجع تاريخه منذ عام 1694.
أما الاسبان فبدأوا السباق عام 1780 واتمّوا قاموسهم، الذي صدر عن الأكاديمية الملكية الاسبانية، معنى هذا أن العناية باللغة تزامنت مع ولوج الدول زمن الثورة العلمية والتنوير والصناعة، هي دول ناهضة آنذاك، فالمعرفة قوة خدمت مشروع التوسع الغربي وحركة الاستعمار.
ولا يمكن فصل المعرفة عن عناصر القوة الأخرى للدولة، لا بل هي إحدى أهم مؤشرات التأثير والحضور للدول، وبالعودة لقاموس اكسفورد ينبغي القول أن الجامعة لم يكن لها علاقة بالقاموس، إذا أنّ الفكرة نهض بها مجموعة صغيرة من المثقفين في لندن، وكانت في الأصل مشروع (جمعية لغوية) تم التفكير به من قبل ريتشارد تشينيفيكس ترينش الفقيه اللغوي حفيد الشاعر صمويل تايلور. وكان ريتشارد أول محرر لمعجم اكسفورد، الذي ضمّت الطبعة الثانية منه 59 مليون كلمة. وفي عام 1933 نشرت جاعمة اكسفورد القاموس، لكن اللغة ظلت تتطور وبدأت احتمالات التجديد وخيارتها، فعين عام 1957 محرر جديد بعمر الثالثة والثمانين هو روبرت بيرتشفيلد، ثمّ سافر القاموس للولايات المتحدة وكندا لحوسبته وبحلول عام 1989 حقق مشروع قاموس اكسفورد الإنجليزي الجديد أهدافه الأساسية، وبعمل المحررين على الانترنت، نجح الكل في الجمع بين النص الأصلي، وتكملة بيرتشفيلد، وما أضيف لاحقاً. معنى هذا أن عمل المحررين لم ينتهِ بطبعة أولى أو ثانية أو اخيرة وصلت إلى عشرين مجلدا مفتوحا على الإضافة.
اسوق هذه المقدمة الطويلة لما شاهدته قبل نحو عامين في الدوحة عند افتتاح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد للحرم الدائم للمركز العربي للابحاث ودارسة السياسات ومعهد الدوحة ومعجم الدوحة شرحاً موجزاً عن معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، والذي أطلقه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في 25 مايو/أيار 2013، ومنذ ذلك اليوم والعمل متواصل في مؤسسة المعجم الذي ضمّ كفاءات عربية من مختلف الدول.
يوم غد الاثنين يطلق المعجم منجزه المعرفي الكبير، وهو أحد المشاريع الكبرى التي يشرف عليها المفكر العربي عزمي بشارة، وهو منجز يُعد سبقاً معرفياً لدولة قطر وللعربية، في سبيل توثيق اللّفظ العربي وتأريخ تطوره، وسيتم اطلاق مرحلته الأولى الممتدّة من أقدم نص عربي مُوثَّق إلى نصوص عام 200 للهجرة، وهي تشتمل على قرابة مئة ألف مدخل معجمي، جرى توثيقها بالعودة للأصول اللغوية والنقوش والمعاجم.
المعجم هو حالة نهوض للمعرفة العربية، ومنجز لقطر، المعرفة والثقافة، والتي تنهض اليوم لتحقق مرتبة متقدمة في التعليم والمعرفة الانسانية.
الدستور