عنوان هذا المقال مستفز جدا ، ولكنه واقعي جدا ، والقصة الدالة عليه وقعت منذ أيام في أحد فنادق مرسى مطروح ، وهو شاطىء سياحي ساحر على البحر الأبيض المتوسط،.
كنت أبحث عن سر الخبر الذي نشرته عشرات المواقع الإخبارية ، ويتحدث عن منع المحجبات من دخول بعض شواطىء الإسكندرية ، حينما عثرت على مقال لكاتب اسمه فراج إسماعيل ، يتحدث عن واقعة غريبة جدا ، بطلتها مواطنة نرويجية تدعى كارولين بوستن ، حين نزلت إلى بركة السباحة في احد الفنادق ، ولكنها فوجئت بمن يطلب منها الخروج من البركة فورا ، لأنها ترتدي حجابا خاصا بالسباحة (مايوه شرعي) وأن عليها إن أرادت أن تسبح أن ترتدي البكيني فقط ، فوجئت السيدة بهذا الطلب ، وكان برفقتها مضيفها المصري رجل السياحة علي المرشدي ، الذي سأل مستفسرا: هل أنتم متأكدون أنها أوامر وزارة السياحة ، فالمعروف أن مصر دولة مسلمة ، وأن المادة الثانية من دستورها تنص على أن الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع. فقالوا له: نحن ننفذ تعليمات إدارة الفندق ولسنا معنيين ما إذا كان ذلك من وزارة السياحة أو من غيرها،.
وقد اتصلت هاتفيا بعلي المرشدي ، قبل كتابة هذا المقال وأكد لي الواقعة ، وقال لي أنه حصل من الفندق على ورقة مختومة رسمية تؤكد الواقعة برمتها ، وأن هذه تعليمات وزارة السياحة ، وفي الأثناء سألته عما كتب عن منع المحجبات من دخول شواطىء معينة في الإسكندرية فأكد لي أنه شاهد بأم عينيه لافتات على شواطىء في الإسكندرية تمنع دخول المنقبات ، ناهيك عن المحجبات ، الطريف في الموضوع "الصدمة" التي شعرت بها المواطنة النرويجية ، كارولين بوستن ، فهي في حالة نفسية سيئة للغاية ، ولا تصدق أنها في مصر ، وأن الأزهر الذي سمعت عنه كثيرا يقيم فيها. ولا تصدق أن دولة مسلمة تقابل المحجبات بعنصرية لو فعلتها دولة أوروبية لكان ذلك عسفا شديدا بحقوق الإنسان ، وقد اشتكت لسفير بلادها في القاهرة ومعها الشهادة الرسمية التي منحها لها الفندق ضد المحجبات ، السفير "هدأ من روعها" وأخبرها أنه سيتحدث مع وزارة السياحة ، لكنه طلب منها تقديم شكوى للشركة السياحية في أوسلو التي حجزت لها في ذلك الفندق ، ونشر القصة في الصحافة النرويجية،.
علي المرشدي ، أخبرني أيضا ، أن صاحب الفندق غير مسلم ، وأنه يشك أنه تصرف على هذا الأساس ، خاصة وأنه نشر رأيا على أحد المواقع يقول فيه "إللي مش عاجبه يروح يستحم في الصحراء" وقد بدا المرشدي في غاية التأثر ، والاستغراب ، مما يحصل في بلادنا المسلمة ، علما بأنه مغترب في النرويج ، ولا يجد مثل هذه المعاملة،.
القصة متشابكة ، فنحن نلوم قاتل مروة الشربيني الألماني بسبب حجابها ، ونضطهد المحجبات ، ونمنع ظهورهن على شاشاتنا التلفزيونية الرسمية ، ونمنع توظيفهن في كثير من المؤسسات ، ونمارس نوعا من الاضطهاد بحقهن ، ثم نلوم الغرب وفرنسا تحديدا لأنها تتخذ موقفا سلبيا من الحجاب ، وهذه واحدة من صور التناقض الهائل الذي نعيشه يوميا ، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
hilmias@gmail.com