تحرير فلسطين: أخلاق وثقافة
م. أشرف غسان مقطش
08-12-2018 11:03 AM
في الأنباء أن 87 دولة أيدت مشروع قرار أميركي متصهين لإدانة المقاومة العربية الفلسطينية للعدو الصهيوني، و 57 دولة عارضت القرار من بينها الأردن، و 33 دولة امتنعت عن التصويت.
محصلة التصويت أدت إلى إجهاض مشروع القرار وهو في بطن أمه، لأن ولادته بشكل "قسري" كانت تحتاج على الأقل إلى تأييد ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، فلا الرياح جرت كما كانت السفن تشتهي، ولا ختامها كان مسكا كما كانت تمني النفس به مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة الأميركية من أصول هندية نيكي هايلي.
يقال بأن الإدارة الأميركية المتصهينة مارست ضغوطا على العديد من الدول لتمرير مشروع القرار من أوسع الأبواب وأرحب الدروب؛ فهل يا ترى كان الأردن من بين تلك الدول؟
إذا كان الجواب بالإيجاب، فالأردن أثبت بالإعتراض على مشروع القرار أنه ليس ذنبا من أذناب الإدارة الأميركية المتصهينة. وإذا كان الجواب بالنفي، فربما يؤشر ذلك على أن الإدارة الأميركية المتصهينة تدرك مسبقا موقف الأردن الرسمي الثابت من حق الشعب العربي الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، وعليه لا جدوى ترجى من ممارسة الصغوط عليه.
هذا بالنسبة لموقف الأردن الرسمي، ماذا عن الموقف الشعبي المتمثل فيك عزيزي القارئ؟
إذا كنت عزيزي القارئ من عداد العرب "المتفرنجين" فإنني أدعوك إلى التفكر قليلا في مسألة أحقية اليهود المتصهينين بفلسطين، بعد الإطلاع على الاقتباس التالي من كتاب "دليل المواطن في العلم الحديث" لمؤلفه دينيس فلاناغان، ترجمة الدكتور عادل أحمد جرار، ص178: "واستعمل حاييم وايزمان، وهو كيميائي مهاجر من روسيا، ومن كانوا يساندونه، ما كان قد وصل إليه من طريقة لتحضير الأسيتون بتخمر السكريات، باستخدام صنف معين من البكتيريا، وحصلوا على وعد بلفور الذي أعطى فيه الإنجليز لليهود ما ليس حقا لهم، وتمكنوا من تنفيذه برعاية حكومة الانتداب التي صارت السلطة المتسلطة على فلسطين بعد الحرب". أما إذا كنت من الذين يصفقون لفشل مشروع القرار، فاسمح لي أن أقول لك: إنك تدين المقاومة العربية الفلسطينية من حيث لا تدري مدة أنك لا تقاطع المنتجات الأميركية.
قبل فترة قليلة، دعاني أحد الأصدقاء لشرب فنجان قهوة في أحد فروع "ستاربكس" هنا في العاصمة عمان، فاعتذرت له، وقلت له: أنا مقاطع للمنتجات الأميركية فاعذرني، ولنشرب القهوة في مكان آخر، وهكذا كان.
تحرير الأرض العربية المحتلة ثقافة قبل أن تكون قرارا. و"المنسف" الأردني، على ذمة التاريخ، كان "بالون" اختبار لثقافة القتال بروح نقية من أدران الخيانة والتآمر.
والثقافة بلا أخلاق مثل دور العبادة بلا مصلين، وصلاح الدين الأيوبي لم ينطلق لتحرير القدس إلا بعد أن تأكد أن جميع المحلات التجارية التي تركها أصحابها مفتوحة طوال الليل لم تتعرض للسرقة. هكذا يقال، وما أدرانا إن كان ما يقال صحيحا أم لا؟
بغض النظر عن صحة هذه الرواية أو عدمها؛ فإن الفكرة في العبرة، والعبرة أن الأخلاق هي الأساس المتين لأي مشروع يهدف الى تحرير الأرض العربية المغتصبة.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا