وأمّا بقية حديث أمس، فتقول: إنّ صديقنا الدكتور صبري ربيحات صار في يوم وزيراً للثقافة، وأوّل تصريحاته كانت في أنّه سيستثمر في حديقة أردنية واسعة قريبة من عمّان لتصبح “هايد بارك” الأردن، باعتبار أنّ مسيرات الجمعة أيام “الربيع العربي” كانت تتوجّه من الجامع الحسيني فتتجمّع عند ساحة النخيل، وتستقرّ، وتلقى الخطابات وُترفع الشعارات ويعود كلّ إلى بيته، فلماذا إذن لا يكون لدينا مكان تتجمّع فيه الناس، والكاميرات، ليصبح مكاناً مستقراً للديمقراطية؟
ولكنّ الدنيا قامت وقعدت، وقعدت وقامت، وبدا الرجل من جنون التعليقات وكأنّه يحمل معه مؤامرة خارجية، وحتى نكون صريحين أكثر، فهناك من الدوائر والمثلثات والمستطيلات الرسمية من أفشل المشروع، وقدّموا لأصحاب القرار تحليلات تُفيد بأنّ الأردن مع مشروع صبري ربيحات قنبلة موقوتة!
وأعرف أنّ الرجل تراجع عن مشروعه، لأنّ من كان مقابله أقوى منه، ويحمل جزرة وزجاجة ماء صافية، وعصا، وربّما خرطوم مياه يأتي من مياه ملوّنة زرقاء، وربّما تحمل عادمات مجاري عمّان من رائحة كريهة قاسية، وربّما أكثر بندقية صوت، وربّما أكثر وأكثر فهو يحمل سلاحاً ثقيلاً!
ومرّت الأيام الأردنية، العمّانية، صابرة على حملها الثقيل المعاناة، حتى تمرّر كلّ مرارة المنطقة، وحتى لا تكون مثل غيرها، ولكنّ الناس فاجأت الدنيا بعد استقرار “المنطقة”، بأنّها لم تذهب من الحسيني إلى النخيل، بل رحلت في رحلة شفاء إلى مستشفى الأردن، منه إلى الدوار الرابع، حيث مقرّ ومستقر الحكومة الأردنية “العتيدة”.
بداية النهاية كانت رحيل حكومة، والنهاية كانت تشكيل أخرى، ولكنّ ما جرى كان إعادة انتاج للماضي الذي لم يقنع أحداً، فعادت النهاية إلى البداية، فالدوار الرابع يسمع في “خلواته” التي تدرس تشكيل اللجان، بعد اللجان، تلو اللجان، أصوات الناس التي تدافع عن حقّها الذي أعلنته منذ اليوم الأول… منذ الحسيني والنخيل.
تُرى، هل كان لأحوالنا أن تتغيّر لو أننا استمعنا إلى الناس منذ اليوم الأوّل؟ تُرى هل كانت الحكومات ستتغوّل في الاقتراض وتدمير معيشة الأردنيين لو كان لدينا “هايد بارك… ربيحات”، نستمع من خلاله إلى مطالب الشعب الذي لم ينتخب بالصورة اللائقة أصلاً؟
تُرى، ماذا يقول صبري ربيحات، الآن، وقد ناحت بقربه حمامة، وأكثر من ذلك، فماذا يقول وقد عاد تعيين الأصدقاء والصديقات والحبايب في المجالس المختلفة أساساً للتعيين، دون أدنى إنتباه للدوار الرابع، وربّما غيره، وللحديث بقية!