"حقك تسأل وتعرف" بين الحكومة والدولة
فيصل تايه
06-12-2018 11:41 AM
المهم ان تتوعد حكوماتنا كلما دق الكاس بالجرة بتحميل المسؤولية لكل مقصر وتنتفض وتهدد بمحاسبة كل الايادي الملوثه ، وتراجع حساباتها مع الفاسد وان تضع نقطة لتبدا من اول السطر وتعتبر ان اي جهاز حكومي بشتى مجالاته عونا لها لاعليها وانه سند غير مائل تستند اليه وان تتسائل اين وصلت من خططها النهضوية من جهة ومراجعتها لادائها من جانب الاخر؟ وتطلع الرأي العام على خطها الاصلاحية باعتبار ذلك حق من حقوق المواطن المسلم بها .
لكن من الوجب ان تعمل الحكومة على تقييم جدي لأدائها لمتابعة نشاط اجهزتها الرسمية وتصحيح نقاط الضعف والخلل ، والتوجه نحو رفد مؤسساتها بكفاءات قوية مقتدرة ضمن سياسة تجديدية واضحة الاهداف للارتقاء بمختلف المستويات ، لتكون قادرة على ترجمه افكارها وخلق بيئة عملية ملتزمه بالمعايير والضوابط الاخلاقية ورسالة الدولة المعرفية الهادفة التي لطالما أكد عليها دولة رئيس الوزراء .
لكن حركه المد والجزر بين الحكومة والسلطة التشريعية وخاصة مجلس النواب يشوبها نوع من الازمات اذ وكما نرى يحلو للبعض ان يثير موضوعات تأزيمية من تحت قبة البرلمان عقب خلاف بين نائب ووزير او بين نائب والحكومة حيث يعتقد البعض ان مؤسسات الدولة مشجب يعلق عليه الاخطاء ، لتتقاطع فيه الرؤى والافكار المعبرة عن مواقف متباينة في الفهم لحقيقة الامر الذي يحوي سيناريوهات انفعالية تشكل ازمة وشيكه يضمن البعض له فيها مقعدا مميزا وشهرة واضحة ، فالحكومة تمتلك الشرعية في وجودها وهذه الشرعية تستمدها من الثقة التي منحها لها مجلس الامة ، فالبرلمان او السلطة التشريعية هي السلطة الممثلة للارادة العامة وهي حصيلة مجموع الارادات الفردية وبذلك تصبح هي صاحبة التفويض لتمنح الحكومات الثقة ومثل هذه الثقة ليست تفويضا مفتوحا فهي تخضع للرقابة البرلمانية من جانب ومن جانب اخر للرقابة الشعبية ، وليس ذلك تفويضا مطلقا تمنحه السلطة التشريعية للحكومات لان تفعل ما تشاء فالثقة الممنوحة للحكومات يستند على الالتزام ببرنامجها الحكومي والوفاء بتعهداتها امام السلطة التشريعية ، والذي على اساسها حظيت بالثقة ، فعندما تبدأ الحكومات بتولي مسؤولياتها التنفيذية فهي لا تعمل بطريقة عشوائية او من دون اهداف محددة تسعى الى تحقيقها فهي ملزمة بتنفيذ برنامجها الحكومي الذي تعهدت به امام السلطة التشريعية ، وهو برنامج يعكس افكار وتصورات الحكومة باعتباره الطريق السليم لتحقيق الاهداف المتوخاة من البرنامج والتي تتوزع على العديد من المجالات والاصعدة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية ، ومجموع هذه الاهداف تندرج ضمن اطار مصالح الدولة العامة ومصالح الدولة لا يفهم منها تلك المصالح المرتبطة فقط بمقومات الدولة السيادية وشخصيتها القانونية الدولية بل ان جوهر مصالح الدولة هو الفرد في اي دولة ومجموع المصالح لعموم الافراد هي التي تشكل المحتوى الاساسي والمعبر عن مصالح الدولة الحقيقية فحقوق الافراد واحتياجاتهم في الامن والدخل والتعليم والعمل والسكن والبيئة وبكل ما يتعلق بخلق حياة كريمة بهم .
وهناك عامل لا يقل اهمية عن العوامل الاخرى في التأثير على نجاح سياسات الحكومة في تطبيق برامجها مما يجعلها اكثر اقترابا في نهجها العام في تمثيل المصالح العامة للدولة، وهو الانفتاح على القدرات والكفاءات ممن يمتلكون الخبرة والتجربة والتخصص ويتمتعون بالنزاهة والاستقامة، ومثل هذا التوجه يضيف طاقات جديدة يحسن ويقوي من كفاءة الاداء التنفيذي ويخلق حالة من التنافس لتقديم ما هو افضل، وبنفس الوقت يمنح اية حكومة عمقا جماهيريا ساندا يوفر لها مزيد من التعاون والدعم .
قد نجد الحكومة نفسها أمام ماتتحمله من مسؤوليات تنفيذية واسعة وهامة وترتبط بمصالح المواطنين ، بحاجة ماسة الى توضيح سياساتها والدفاع عنها وأطلاع الرأي العام بشكل منتظم يتسم بالصراحة للاحداث والوقائع داخلياً وخارجيا ، وأذا اخذنا واقع الحكومة ، فهي تواجه تحديات جمة ما يحتاج لوجود جهاز حكومي قوي ، فأمام مثل هذه المواجهة الا يحق للحكومة ان تمتلك ادواتها الاعلامية القوية ليس دفاعاً عن نفسها فقط بل الدفاع عن كيانها ومكتسباتها والتي هي ملك الشعب والدولة، وهو حق مشروع ينسجم مع مبدأ التكافؤ والحقوق المتساوية.
من هنا كان على حكومتنا ان تتنبه لهذا الوضع وان تضع نقطة وتبدا من اول السطر وتتسائل لما هذه التفاعلات والارهاصات واين اعلامها الرسمي من تلك وماهي نقاط الضعف و ان تجد في تقييم نشاط جهازها الاعلامي الرسمي ، وتصحيح نقاط الضعف والخلل والتوجه نحو رفد هذه المؤسسة بتخصصات وكفاءات مقتدرة ضمن سياسة واضحة الاهداف للارتقاء بهذا الجهاز الهام لمستويات رفيعة تؤهله للعب دور هام في تطوير ودفع العملية الاصلاحية والتنمية الشامله .
واخيراً .. وان أطلت .. فمن حق الجميع المعرفة ، لأننا لا نستطيع ان نتصور بأن الحكومة والدولة كيانان منفصلان ومتناقضان في النظم الديمقراطية وبوجود حكومات تعمل بالضد من مصالح الدولة العامة ، وانما هناك فشل واخفاق يقابله نجاح وانجاز .