الفتحاويون .. في «الساحة الاردنية»
ماهر ابو طير
16-07-2009 04:12 AM
يريد البعض ان يزج بالاردن ، في الخلافات الفلسطينية الداخلية ، فيفجر فاروق القدومي قنبلته في عمان ، ويخرج عباس زكي ليرد عبر "الجزيرة" من عمان ، ويتم الحديث عن تنظيم "فتح" علنا في الاردن ، وتجتمع رموز الحركة في عمان في منازل وفي السفارة الفلسطينية.
ليس من مصلحة الاردن ، بأي حال من الاحوال ، ان يتم استدعاء صور قديمة ، لا يريدها الاردنيون والفلسطينيون ، معا ، فقد شهدنا في السبعينات كيف كان لحركة فتح للاسف الشديد دور سلبي في احداث تلك الفترة ، حين تم رفع السلاح ، على الدولة والناس ، وبعد سنوات المنافسة والقطيعة ، يعود الفتحاويون ، الى المشهد بطريقة غير مباشرة ، باعتبار ان حماس منبوذة ، هنا ، ولا بد من الاستيلاء على الفراغ الذي سببته القطيعة مع حركة حماس ، فيتدفق مسؤولو السلطة الوطنية وحركة فتح ، من سياسيين وامنيين ، الى الاردن ، جالبين معهم مشاكل كثيرة ، اقل تداعياتها اضطرار الاردن ان يبرر ويفسر ويقول انه ليس طرفا في تصريحات القدومي ، التي فجرها في منزله في عمان ، حول ان عباس ودحلان اغتالا الرئيس عرفات ، بتنسيق مع اسرائيل والموساد والمخابرات المركزية الامريكية.
لماذا نؤسس مواقف متناقضة فنقول اننا لانسمح لاي فصيل فلسطيني بالعمل في الاردن ، باعتباره ساحة ، فيتم اتخاذ موقف سلبي جدا من حركة حماس ، فيما يتم السماح لنشاطات حركة فتح ورموزها ، هذا على الرغم من ان حركة فتح لها تاريخ يختلط فيه الرصاص بالدم ، وبالقفز عن المحرمات في الاردن ، واذا كان هذا هو موقف الاردن ، فلماذا لا ينطبق على حركة فتح ، ايضا ، التي يتم تدليلها ، فيما تتوسع هي يوما بعد يوم ، في مساحتها ، الى درجة الزج بالاردن ، في اتون الخلافات الفلسطينية ، فنرى كما اسلفت ان القنبلة القدومية والرد عليها ، يجري في الاردن ، وكأننا نشهد احياء لمفهوم "الساحة" بدلا من البلد والدولة.
حين ترى رموزا سياسية وامنية فصائلية تصول وتجول في عمان ، وفلل عمان ، وفنادق عمان ، ومزارع الضواحي ، تعرف ان لهذا كلفة ، حتى لو ظننا ان هؤلاء هم حلفاء اليوم ، وتناسينا "الشبق" للاستيلاء على الدولة والبلد ، قبل عقود ، ولاتعرف ماهي القدرة الممكنة لضبط ايقاع هذه التحركات ، خصوصا ، ان كل شيء متوقع ، وقد قيل على لسان مسؤولين مرارا ان الاردن يقف على مسافة متساوية من كل الفصائل الفلسطينية ، لكننا نرى ان فتح تتغطى بعباءة السلطة الوطنية ، وتعود لتتسلل الى الاردن ، مسببة حرجا كبيرا ، واستدراجا نحو خانات لا يحبها الاردن ، ولا يريد ان يكون طرفا فيها ، بعد ان عجز العالمين العربي والاسلامي ، عن رأب الصدع الفلسطيني.
حركة حماس لاخطر لها في الاردن وعلى الاردن ، وهي تعرف عدوها ، وتعرف ميدانه ، فيما الخطر الحقيقي في اعداء الامس اصدقاء اليوم ، ممن تنام الاحلام القديمة في عيونهم ، وقد تستفيق في اي لحظة ، واذا كان لا بد من لاعبين فصائليين ، فلنفتح خطوط علاقاتنا بأتجاه حماس ، لنضمن التوازن ، ونضمن ان لا يتم بيع حقوق اللاجئين والنازحين ، في اي صفقة سرية ، على طريقة اوسلو ، وبغير ذلك فأن علينا ان نتوقع اكثر واكثر واكثر ، امام تحول عمان تدريجيا الى منصة لخلافات الفتحاويين وتراشقاتهم.
فتح تستفيد اليوم ، من الرعاية الامريكية ، والرضى الاسرائيلي ، غير ان وكلاء الحركة عليهم ان ينزلوا عن ظهورنا ، لاننا نعرف الفرق بينهم وبين حماس من جهة ، ولاننا في الحد الادنى ، لانريد للاردن ان يستدرج نحو خانات التناحر الفصائلي ، وتأجير الاجندات ، ومحاولة زجه في خلافات "الابوات".
لو تعرض القدومي الى أي خطر على حياته في عمان ، من جانب مجهول ، فمن سيتحمل الكلفة انذاك؟. سؤال برسم الاجابة.
m.tair@addustour.com.jo