التعامل بالشيكات من الأمور التي اصبحت منتشرة في هذا الوقت ، حيث يتداولها الناس بكثرة فيما بينهم في كثير تعاملاتهم ، لما لها من اثر في عملية التسهيل والسرعة ، لهذا توجب على المشرع الاردني ضرورة الحد منها لما لها من اثار سلبية خاصة على الاشخاص الذين يجهلون التعامل مع الشيك وضرورة نشر ثقافة تسمى "ثقافة الشيك" .
لم يدرك المواطن الاخطار التي تترتب على الشيكات المحررة لاشخاص اخرين بانها طريقه المؤكد الى السجن في ظل غياب الكثير من الضوابط .
فالكثير من الاشخاص يحررون شيكات لتقسيط سلعة معينة سيارة او اثاث او غير ذلك لان عمليات التقسيط مغرية للكثير من الناس لشراء احتياجاتهم، سيما وانهم يعتبرونها مريحة للدفع وسهلة ، الا انهم بعد فترة، ولظروف عديدة تصبح مشكلة كبيرة من الصعب حلها خاصة بعد وصولها الى المحاكم التي غالبا ما تنتهي الى سجن محرر الشيك " المدعى عليه " .
وتكمن اخطار الشيكات في ان الكثير من المتعاملين بالشيكات يجهلون النتائج المترتبة على التاخير او عدم دفع قيمة الشيك بموعده المحدد ، لان الاخطار المترتبة على الشيك تاخذ اشكال والوان مختلفة لا يدركها الكل .
فمثلا من يحرر شيكا بقيمة ثلاثة الاف دينار مقسط على اشهر ويترتب عليه نسبة بسيط من قيمة الشيك فان المشتكي يتقدم بالقيمة كاملة ويصر على المبلغ المطلوب اضافة الى اتعاب المحامي والرسوم العالية التي تتقاضاها المحكمة على الشيكات فيضاعف المبلغ ويصبح الشخص غير قادر على تسديده فيزج بالسجن .
اقول انه خطر لان الحكم يصدر في اكثر الاحيان غيابيا لعدة اسباب منها عدم تبليغ المتشتكى عليه لحضور الجلسات التي تعقدها المحكمة فالتقصير ليس من المحكمة، بل هناك امور اخرى تحول دون تبليغ المشتكى عليه لان حضوره الجلسات قد يغير في مجرى القضية من خلال الحيثيات التي يمكن ان يقدمها سيما وان غالبية الذين يحررون الشيكات يجهلون اخطار عدم المتابعة في المحمكة في حين المتقدم بالشكوى يقوم بتكليف محامي لتحصيل المبلغ ،والمحامي بدوره يدرك اهمية غياب المشتكى عليه ويدرك الكثير من المداخل والمخارج لكيفية الحكم لصالحة بالشيك ، وهناك حالات لا يتم فيها التبليغ او ان البلاغ لا يصل الى المشتكى عليه مما يؤدة الى تفاقم الامور .
ولا بد من الاشار الى مشكلة الغرامات المفروضة على الشيكات من قبل المحكمة واللجوء الى فرض غرامة على كل شك على حدا مما يجعل الغرامة تفوق قيمة المبلغ المطلوب في الشيك في كثير من الاحيان .
وهنا يجب ان نميز بين سلبيات الشيكات المرتجعة من التجار والمتعاملين بالشكات بصورة دائمة ،وبين المواطنيين العاديين الذين يتعاملون بها بالصدفة او لشراء سلعة ما ، ففي الحالة الاولى هناك أضرار تترتب على الحركة التجارية مما يستوجب معالجتتها بسرعة ،وهذا غير موجود في التعامل مع المواطن العادي الذي تعامل مع شيك لشراء بعض احتياجاته والتي لا تتكرر مع المواطن دائما .
ففي الحالة الاولى لا بد من اتخاذ المزيد من الإجراءات الرادعه بحق المتلاعبين بما فيها التشهير ،باعتبار انها جريمة ينبغي التنفيذ الفوري للعقوبة على مرتكبها ، وفي حال تعامل المواطن بالشيك فلا بد من التروي والتاجيل مع الاخذ بعين الاعتبار ظروفه الشخصية التي حالت دون دفع ما يترتب عليه في الوقت المحدد والبحث عن طرق لتسوية الموضوع لا سجن المواطن وجلبه من وظيفته وملاحقته من مكان الى اخر لالقاء القبض عليه .
علينا ان ندرك ان طريق الشيك هي .. محكمة .. بلغ ... لم يبلغ .. قاضي .. مذنب .. محامي .. مواعيد محكمة .. حضر ... لم يحضر المدعي عليه .. مواعيد أخرى بعد شهور ... القضية لم تنتهي ... يصدر الحكم من المحكمة .... من سيطبق الحكم ... يدخل المدعي عليه السجن ... ويخرج ... والقيمة تبقى عليه .. تسوء العلاقة معه ... ويخسر...و يخسر سمعته ويصبح خريج حبوس .
لماذا لا يكون هناك حلول لمثل هذه القضايا الشائكة ؟ يقول عدد من المحامين ان نسبة المساجين بسبب الشيكات عالية جدا جدا ، مؤكدين ان ليس كل من حرر شيكا او سجن مجرما او مذنبا بل ان هناك ظروف نقع فيها جميعا .
الا ان مجتمعاننا لا ترحم، ولا تميز بين محتال وغير محتال ويقاس المواطن الذي سجن على شيك بانه اصبح مجرما او صاحب سوابق وخريج حبوس قد لا يجد وظيفة او يفصل من وظيفته كما ان سجنه قد يقوده الى سلوك اخر بعد السجن وهذا ما نخشاه في مجتمعنا خاصة وان المبلغ المترتب عليه يبقى مطلوب منه .