هل تتحول "السترات الصفراء" إلى قوى سياسية؟
أ. د. ناهد عميش
04-12-2018 12:01 AM
ازداد غضب المحتجين هذا الأسبوع بعد شعورهم بتجاهل الرئيس وحكومته لمطالبهم خاصة بعد خطاب ماكرون الذي ركزّ فيه، حسب أقوالهم، على موضوع الوقود والانتقال البيئي ، وتجاهل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الطبقتان: الوسطى ؛ والفقيرة في فرنسا.
وقد ازدادت مطالب هذه الحركة؛ إذ بدأت تتكلم عن تجميد ضريبة المحروقات؛ وإعادة فرض الضريبة على الثروات والتي كانت قد أُلغيت في السابق.
ومن جهة أخرى؛ أصبح البعض ينادي بحل البرلمان؛ لأنهم يطمحون للتحول الى قوى سياسية وخوض الانتخابات البرلمانيه.
للخروج من هذه الأزمة، كان أمام ماكرون خياران: إما فرض حالة الطوارىء؛ أو فتح باب الحوار والمفاوضات. ومن الواضح انه فضل الخيار الثاني؛ إذ إنه بدأ يفتح باب الحوار مع الأطراف المختلفة، فقد بدأ رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب محادثات مع زعماء الأحزاب في ظل إعلان أصحاب السترات الصفراء عدم مشاركتهم في هذه المفاوضات وتمسكهم في مطالبهم.
صعوبة هذه الأزمة تكمن في كوّن هذه الحركة لا تمتلك أرضاً سياسية واحدة وليس لديها قيادة قادرة على توجيهها وتوحيد مطالبها.
هذا الوضع سمح لدخول بعض الفئات التي اغتنمت الفرصة للقيام بأعمال عنف وتخريب وضعت أمن البلد في خطر.
في اعتقادي لن يخرج ماكرون وحكومته من هذه الأزمة، إلا إذا قام بالتراجع وبسرعة عن بعض من قراراته السياسية وبرنامجه الإصلاحي؛ لأن أعمال العنف في ازدياد، وسيكون من الصعب التحكم بزمام الأمور في المستقبل.
هذه الاحتجاجات تشبه، إلى حد ما ، ما حصل مع الرئيس شارل ديغول في مايو العام ١٩٦٨ ؛ فقد أدت بعض التراكمات التي فرضتها ظروف محلية ودولية على المستويين السياسي والاقتصادي آنذاك إلى إضراب عام، وعاشت فرنسا حالة شلل لأسابيع، فانتشرت التظاهرات في الشوارع، وعمت الفوضى. وقدم ديغول استقالته بعد استفتاء عام ؛ حيث صوت 52.41% ضد الإصلاحات التي تقدم بها.
من المعروف أن الرئيس ماكرون لا يواجه أي صعوبات بالمُضي في برنامجه السياسي، وذلك لكون حزبه حصل على أغلبية المقاعد في البرلمان.
من الأرجح أن يستمر ماكرون في الحفاظ على هذه الأغلبية البرلمانية في ظل عدم وجود احتمالية في المدى المنظور لإجراء انتخابات برلمانيه مبكرة، ولكن هذا مرهون بإيجاد حل سياسي للأزمة الحاليّه.
اما في ما يختص ب" السترات الصفراء" فاستدامتها كحركة سياسية مرهونة بإيجاد حل سياسي من عدمه، وفي حال تحقيق مطالبها ستضعف فرصتها في المحافظة على تماسكها لحين حلول موعد الانتخابات القادمة.