facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ما بعد الحقيقة!


سليمان الطعاني
03-12-2018 07:46 PM

فرض تنامي الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار مع غياب الثقة بالأخبار المقدّمة من المصادر الرسمية فرض واقعاً جديداً في تعامل الناس مع الحقائق، لم تعد معه الكذبة إشاعة ترمى في الأسواق بل أصبحت صناعة، وباتت المعلومات الأكثر تأثيراً هي الرسائل شديدة الاختصار عبارة عن تغريدات تتضمن محتوى مباشر وشديد الوضوح لا يتطلب من الشخص جهداً في استقصاء المعاني والمضامين، أو قراءة نصوص مطولة تتسم بالتعقيد أو تعدد المصادر.

تحولت الاشاعة إلى صناعة كاملة قد تحل ذات يوم محل الحقائق برمتها، وتجند الدول وفقاً لأحجامها آلاف الخبراء لمقاومة هذا التزوير، أو لصناعة تزوير مضاد، إضافة إلى أنه لا رقابة ولا نظام ولا مسؤوليات أو ضوابط عند ملايين المشاركين في مواقع التواصل. والناس تحب أن تصدق الاشاعات والاكاذيب خاصة إذا تناولت خصومها أو إذا دغدغت حاسة الشماتة ولذة التشفي عندها،

ما بعد الحقيقة "Post-truth" كلمة عام 2016 حسب ما أعلنته مجموعة معاجم أوكسفورد كأكثر الكلمات أو العبارات استخداماً وتداولاً وتؤشر إلى المواضيع الساخنة وأمزجة الرأي العام أو المواقف العامة في العالم وقد ادرجتها في طبعة 2017. لتدل على أن الحقائق الموضوعية باتت أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام مقابل الاعتقادات الشخصية والانفعالات العاطفية ،

يبين الكاتب الأمريكي رالف كييس في كتابة ما وراء الحقيقة: التضليل والخداع في الحياة المعاصرة، يبين أننا نعيش عصر الأكاذيب النبيلة التي يمكن تعديلها وتنقيحها وتهذيبها لتتوافق مع الزمن الراهن، زمن اغتيال الحقيقة من أجل مصلحة الشعب كما يقول المؤلّف!

في عصر ما بعد الحقيقة واعتماد التضليل والخداع أصبحت التغريدات (Tweets) هي النمط الأمثل لتداول المعلومات، والتأثير في توجهات الجمهور ووجهات نظره، وتراجعت أهمية الكتاب، والمقالات المطولة، والدراسات الأكاديمية والأبحاث والبرامج المختلفة، هذا العصر دفع بعقولنا الى الهرولة وراء التغريدات والمنشورات القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لم نعد نصبر على قراءة جملة طويلة، ناهيك بكتاب أو بحث أو دراسة، أو أي معلومة مركبة أو معقدة، قليلون أولئك الذين يقدرون أن يصنعوا لأنفسهم فكرة أو يصبرون على التفكير!

عصر ما بعد الحقيقة، عصر التضليل والخداع الإعلامي والإداري نعيشه على واقع ما فوق المزيف وأكثر من الخداع وما وراء الإمعان في الكذب تسهم فيه ثورة الاتصالات الحديثة ووسائل إعلام وتواصل يفترض معها أن تكون عناصر مساعدة في تبليغ الحقائق طريّة وطازجة وطبق الأصل إلى الجمهور، وليس نقيضا كما يحدث حاليا.

مصطلح ما بعد الحقيقة مصطلح بات يعبر عن الأزمة التي نعيشها وواقعنا الذي نحيا، أزمة عمادها تراجع دور الحقيقة، وانتشار الاشاعات والكذب والتضليل وسيطرة الخطابات الشعبوية ووعود الحكومات المتكئة على تأجيج العواطف والمخاوف لدي الجماهير، والاندماج في العالم الافتراضي والاتصال الدائم للأفراد بالإنترنت، والانخراط الكامل في وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع القدرة التحليلية والادراكية على التعامل النقدي مع المعلومات بسبب الاعتماد الكامل على المجال الافتراضي والاستسلام لتكنولوجيا المعلومات، وهو ما أدى لتراجع المعرفة بأبسط القضايا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :