الاستهداف الاستراتيجي للسعودية
المحامي محمد الصبيحي
03-12-2018 12:13 AM
(هذا رجل شجاع ومتميز) ؛ كان ذلك تعليق صديق سياسي مخضرم عندما شاهدنا دخول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى قاعة مؤتمر قمة العشرين في بوينس ايرس وحرارة المصافحة بينه وبين الرئيس الروسي بوتين ٠
لقد راهن كثيرون على أن ولي العهد السعودي لن يستطيع حضور القمة في ظل التحشيد الأعلامي والسياسي الذي مارسته وسائل إعلام متعددة ضد الرجل وضد النظام السعودي على خلفية جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي لدرجة أن قناة فضائية معروفة باتت متخصصة اربع وعشرين ساعة يوميا في استهداف السعودية دولة ونظاما ٠
لقد تحولت قضية خاشقجي من جريمة قتل مرفوضة بكل المقاييس الى برنامج وخطة مرسومة للنيل من المملكة العربية السعودية والتحشيد ضدها لدوافع متعددة في مقدمتها الابتزاز السياسي والاقتصادي وتصفية حسابات سياسية سابقة ومحاولة أضعاف الموقف والموقع الاستراتيجي للسعودية في الإقليم ٠
إن أي صاحب بصيرة سيطرح سؤالا عن المستفيد من الحملة الشرسة على السعودية ؟؟ يستطيع أن يجد قائمة المستفيدين بوضوح ولكنه لن يجد بينهم صاحب سجل نظيف في حقوق الإنسان ولم يسمع أن أحدا منهم ذرف دمعة واحدة لمقتل عشرات الصحفيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أو لتصفية عشرات الصحفيين العراقيين على يد المليشيات الإيرانية في العراق ٠
وحين نشاهد تطور الحملة على السعودية لتشمل الامارات العربيه المتحده وتتحول من قضية خاشقجي الى الحرب في اليمن والخلاف مع قطر فيما يبدو أنها محاولة لكسب سياسي تكتيكي إذ يعتقدون أن السعودية في موقف ضعيف سياسيا فيجري استغلال الوضع الإنساني في اليمن بصورة متحيزة ومضللة ويتركز الضغط على السعودية ولا احد يتحدث بأن الحوثي حليف إيران هو من يمنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية للشعب اليمني وهو الذي انقلب على الشرعية اليمنية بدعم ايراني لحصار السعودية والوصول إلى بوابة البحر الاحمر الاستراتيجية ٠
لم تنحصر الانتقادات الموجهة للسعودية بقضية مقتل خاشقجي وانما تركزت على الدولة السعودية بكل مكوناتها ولن يخدم ذلك إلا الانتشار الاستراتيجي الإيراني في المنطقة ومن هنا لاحظنا أن إيران تراقب بصمت حتى لا يظهر لها يد او لها مصلحة في الحملة الإعلامية السياسية رغم أن كل ما يجري يصب في مصلحتها .
كان يفترض في الحريصين على مصلحة الأمة معالجة الخلاف بين الأشقاء في السعودية وقطر داخل البيت العربي وعدم السماح لوسائل إعلامية بزجه في قضية خاشقجي ومهما كان الموقف التركي من الجريمة فإن المطلب العادل هو إجراء محاكمة المتهمين في بلدهم وانزال العقاب بمن تثبت إدانته دون استثمار سياسي يطال ملفات استراتيجية تؤثر على مستقبل المنطقة وعلى النظام العربي ٠
إن قراءة سياسية للواقع العربي حاليا رغم ما يعانيه من حالة وهن وتشتت غير مسبوق تظهر بوضوح أن مركز الثقل والعمود الفقري النظام العربي هو السعودية ومصر وبالتالي فإن التركيز في محاولات عزل السعودية ومصر واضعاف دورهما العربي هدف رئيس لأعداء الأمة شاهدنا منذ أيام بدء حملة مشابهة على مصر بفتح ملف مقتل الباحث الايطالي ريجيني في القاهرة قبل عامين فهل يجري ذلك مصادفة ام توقيت مدروس من قوى مخابراتية ؟؟