* صانعة الرجال ..وملهمة الأبطال
لست أقصد بهذا المقال أن أقدم دراسة موضوعية ناقدة للمرأة في مسرحيات شوقي وإنما تحية أزجيها للشاعر الكبير معبرة بها عن أعترافنا –نحن الشرقيات بجميل هذا الشاعر الذي أحسن الرأي في حواء وآمن بأنسانيتها ونقاء فطرتها وعزة أنوثتها في جيل كان لا يزال يرتاب فينا ويسىء الظن بنا .
فأتحدث عن المرأة في فن أمير الشعراء جملة التي أبدعها شوقي في قصصه ومسرحياته إن القارىء لمسرحيات شوقي تلك الصورة المشرقة النبيلة والانوثة لديه دائماً.في الست هدى مثلاً – هي صانعة الرجال وملهمة الأبطال وملهبة الحماس .وكيلو بترا الملكة المتوجة الفاتنة وتمردها على الرق المهدر لأنسانيتها وتشبثها بعزة أنوثتها في أصعب المواقف دون الثانية في إيثارها الموت إنتحاراً على أن تعرض على شعب روما في موكب "أوكتافيويس".
وهي تؤثر الموت الكريم على العيش الذليل.ويقول ناقد :ان الشاعر ناقض نفسه حين رضى لليلى أن تدفع حياتها فدى للتقاليد العشيرة ,ثم رضى لعبلة صاحبة عنترة أن تتزوج صاحبها رغم أنف التقاليد , وفي ظروف أقسى من ظروف ليلى وقيس .
وأريد أن أوضح بأن الشاعر قد عرض في كل ليلى وعبلة ,مثالين للأنثى نعرفهما الاؤلى أن تفتدي بنفسها كرامة لسمعتها وشرف لها ,أما الثانية أن تنتصر للحب ولو كره الكارهين .وبخاصة اذا ذكرنا إن عنترة لم يشهر بصاحبته كما فعل قيس ,أما ليلى جعلها تموت عذراء ,شهيدة بحبها وجعل عبلة تلهب حماس عنترة وتستثير به أعنف دوافع الطموح والفروسية وتدفع به الى معركة المجد ثم تنتظره حتى يعود اليها متوجاً بأكاليل الغار ,وقد انتزع حريته ببطولته ليقدمها مهراً لعروسه الملهمة .
إيمان الشاعر بالأنوثة يسيطر في أكثر مواقفه وهو التقدير الكريم الذي يعمر في قلبه ووجدانه فيجري على لسانه روائع القصيد وهي الصورة المضيئة لحواء تملأ عالمه الخاص فيجد فيها نبعاً سخياً يمد شاعريته بفيض من عبقري الآلهام فتحدث عن المرأة أمير الشعراء جملة وفي ديوانه الكبير آيات ناطقة بأعزاز للأنثى وتقديراً لها وشاهدنا بحماسه للقضية المرأة وغيرته عليها ومن هنا كانت دلالة القصة على مكانة المرأة عند شوقي أدق وأصدق من دلالة المعاني الجزئية في بيت عابر ,أو قصيدة ربما أوحت بها في مناسبة خاصة .
واذا كان الرجال قد صموا آذانهم عن سماع شوقي أما الاناث قد سمعتها وملأت وجدانها . لتكن تحيتنا للشاعر أن نعرض ذكراه النبيلة المشرقة التي طالما أنست المرأة في كفاحها وبإيحاء لا يفتر .
خَدَعوها بقولهم حَسْناءُ * والغَواني يَغُرٌهُنَّ الثناء
أَتراها تنـاست اسمي لمـا * كثرت في غرامها الأسْماء
إن رَأَْتْنِي تميلُ عني ، كأن لم * تك بـيني وبيـنهـا اشْـياء
نظرة ، فابتسامة ، فسلامُ * فكلام ، فموعد ، فلقاء
ففراق يكون فيه دواء * أو فراق يكون فيه الداء
وبقي أن نذكر بأن شوقي ولد في 16 10 1868 من أب كردي آي قبل 150 عاماً وأم تركية الاصل وكانت جدته لأبيه شركسية وتوفي في عام 1932 وكانت ثقافته عربية تركية وفرنسية ومن أشهر رواياته عذراء الهند في عام 1897 ورواية لادياس في عام 1898 ورواية دل وتيمان 1898- وكان شاعر الوطن والثورة وغيرها الكثير الكثير.