..ما زلنا نفرح لمجرّد مشاهدة زفّة، أو سماع زغرودة ،أو تسلل المجوز الى آذاننا، وما زالت تراودني نفسي أن أشارك أطفالا دون العاشرة، طموحهم الأعلى أن يستقلّوا ''بكم ديانا'' أو ''راس تريلا'' وهم فرحون..
منذ الطفولة ..وفي يوم الجمعة تحديداً..أحتفظ بذات الحماس / بمجرّد سماعي ''لزوامير متواصلة '' كفيلة أن تجعلني أترك ما بين يدي وأركض حتى بوابة الدار لأشاهد موكب العرسان وهو يمر من الشارع الرئيس ،وأصرّ على الا أغلق بابي حتى تمر آخر سيارة ''فولكس فاجن''قديمة محشوة بسيدات بدينات تعود - على الأرجح - لزوج خالة العروس..
كان الفرح تلقائيا، عفوياً، ينثر البهجة كلما مر بحاسّة من حواسنا الاجتماعية أو دخل زقّة من زقاق قريتنا..الآن صار الفرح ''كيديّاً''، يتم مع سبق الاصرار والتقصّد، هدفه أن يشيع الازعاج والغم و''المشابهة'' و''المناحرة'' و''المجاكرة'' في كل زاوية يلجها..
أحدهم استطاع أن يغلق شارع دولي ، ونصب صيوناً عملاقاً في منتصفه ، وزرع البيارق على أطرافه، بينما مكبرات الصوت ظلت تبث أغاني وطنية حديثة كنوع من انواع التبرير لتصرفه ...غير آبه بما احدثه من فوضى بالمرور، أو قطع للطريق، أو تضييق على الناس..بمناسبة زواج ابنه ''ابو شدوق''..هذا العرس تم تحت شعار مبطّن: اللي مش عاجبه يطخ راسه بالحيط..
وآخر امتدت سهرته الى ما بعد الواحدة من منتصف الليل، ومطربه الشعبي يغني بصوت أشبه ''بالجعير'' اغنيته اليتيمة ''والله لاطلع على راس الجبل''..يا اخي ما تطلع على التقاعد ولا على الهملايا..وأنا مالي..أنا أريد ان أنام مثلي مثل أي كائن حي..
ثم يجبرني ثالث أن أستمع بإنصات وخشوع واهتمام الى آخر عبوة ألعاب نارية يطلقها حسب رغبته ومزاجه و''فضاويته'' وطولة روحه ..وما عليك عزيزي ''المنزعج'' سوى أن تحصي عدد العبوات وتضرب الناتج ب20 ديناراً..لتعرف كم انفق هذا الجار بمناسبته العظيمة..التي سيشكو الفقر بعد انتهائها فوراً..
''ويا ويليك ويا سواد ليلك'' اذا صادفتك فاردة نهارية، وانت بطريقك الى طوارىء، او الى دعوة، او الى بيتك..وحاولت التجاوز عن اليسار..فجأة يتبرّع أقرباء العريس وخِلانه بمنعك بالتي هي أسوأ ..فيتم ''تعريض الطريق''..فتفتح الأبواب الأربعة وتتباطأ سيارات المقدمة ويلزمونك بالمشي معهم لتجميع أكبر عدد ممكن من السيارات الصديقة و''مرارة الطريق'' في الفاردة..وعند اقرب مفترق طرق ما عليك سوى استلام باقة من الشتائم ''الفرايحية'' وحركات الأصابع التقليدية..
***
حتى الفرح ،خلاصة المحبة والتسامح والبهجة ، قلبناه ''خاوة''..لم يبق شيء يستحق الابتسام..
***
غطيني يا كرمة العلي وشغلي المروحة ما فيش فايدة..
ahmedalzoubi@hotmail.com