تضامن : في مسألة نسب الطفل الناتج عن الإغتصاب لأبيه المغتصب
30-11-2018 03:36 AM
عمون - قرر مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في الأردن في قراره رقم 256 (9/2018) والصادر بتاريخ 19/4/2018 ، التنسيب لمجلس النواب الأردني بإعادة صياغة المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية رقم 36 لعام 2010، والمتعلقة بإثبات النسب.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن قرار مجلس الإفتاء جاء بناءاً على كتاب ورد للمجلس من رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب حسين القيسي طالباً فيه بيان الرأي الشرعي في مسألة نسب المولود في الإغتصاب للمغتصب في حال عدم قيام فراش الزوجية إذا أثبتت الوسائل العلمية القطعية نسبه الى المغتصب في مثل هذه الحالة.
وبعد الدراسة والمداولة فقد قرر مجلس الإفتاء التنسيب لمجلس النواب بإعادة صياغة المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية لتصبح على النحو الآتي: 1- يثبت نسب المولود لأبيه بفراش الزوجية، أو بالوطء بشبهة، أو بالإقرار، أو بالبينة. 2- للمحكمة أن تثبت النسب بالوسائل العلمية القطعية مع مراعاة أحكام ثبوت النسب بفراش الزوجية.
وتجد "تضامن" بأن الفقرة ب من المادة 157 بوضعها الحالي تنص على أنه :" لا يثبت نسب المولود لأبيه إلا: 1- بفراش الزوجية. أو 2- بالإقرار. أو 3- بالبينة. أو 4- بالوسائل العلمية القطعية مع إقترانها بفراش الزوجية."
وعليه فإن التعديل المقترح من دائرة الإفتاء تضمن إضافة ثبوت نسب الطفل لأبيه في حال الوطء بشبهة، الى جانب جواز لجوء المحكمة لإثبات النسب بالوسائل العلمية دون إشتراط إقترانها بفراش الزوجية، وإنما مع مراعاة أحكام ثبوت النسب بفراش الزوجية.
وتعتقد "تضامن" بأن التعديل المقترح قد يفتح الباب أمام إنهاء مشكلة إثبات نسب الطفل الناتج عن جريمة الإغتصاب، إلا أن الصيغة الحالية للتعديل تجعل اللجوء الى وسيلة الإثبات بالوسائل العلمية القطعية من صلاحيات المحكمة التقديرية وليست وجوبية. كما أن إلغاء إشتراط الإقتران بفراش الزوجية والمستبدل بمراعاة أحكام ثبوت النسب بفراش الزوجية يشوبه الغموض، فهل هذه يعني ضرورة تزويج المغتصبة من المغتصب لإثبات النسب بالوسائل العلمية القطعية؟.
من جهة أخرى ذات علاقة وخلال شهر شباط من عام 2018، كانت اللجنة القانونية في مجلس النواب وبالتوافق مع لجنة من دائرة قاضي القضاة، قد أدخلتا تعديلاً على المادة 157 للأخذ بإثبات النسب بالوسائل العلمية الحديثة (DNA) مع إقترانها بوطء الشبهة. وتشير "تضامن" الى أن دائرة قاضي القضاة قد أكدت على أن هذا التعديل المقترح في حينه جاء لشمول حالات أكثر بإثبات النسب بناءاً على التطبيقات العملية للقانون في المحاكم الشرعية، والتعديل المقترح في قرار مجلس الإفتاء سيساهم بتحقيق ذلك.
يذكر بأن الوطء بشبهة هو دخول الرجل بمرأة لا تحل له غير متعمد وبغير الزنا، وإنما بتوهمه أنها زوجته ودون أن يكون بينهما عقد زواج صحيح أو فاسد. ومن أمثلته كما يقول موقع "محامو سوريا" المرأة المزفوفة الى بيت زوجها دون رؤية سابقة وقالت النساء: أنها زوجته فيدخل بها، أو وطء امرأة يجدها الرجل على فراشه فيظنها زوجته ويتبين أنها أجنبية عنه، أو وطء المطلقة طلاقاً ثلاثاً أثناء العدة على إعتقاد أنها تحل له، أو زواج رجل من امرأة ودخوله بها ثم تبين أنها أخته بالرضاعة.
إن قصة جميلة (إسم مستعار) وعمرها 14 عاماً وهي قصة حقيقية تجسد معاناة ضحايا جرائم الإغتصاب مع نسب أطفالهن، وتتحدث عن معاناتها فتقول :"وبالنتيجة حولوني لادارة حماية الاسرة كوني قاصر وحامل ولا يوجد عقد زواج بيننا وهناك أخبرتهم بكل قصتي وبالتفصيل، فتم تحويلي لاحدى دور الرعاية الاجتماعية، أما هو فقد تم تحويله لمركز الاصلاح والتأهيل بتهمة مواقعة قاصر وتمت محاكمته وصدر عليه حكم (20 عاماً) وتم ترحيله الى سجن سواقة."
وتكمل جميلة :"وهنا بدأت قصتي بالتعقيد أكثر فأكثر "طفلة حامل في دار رعاية للأحداث بتهم وجنح مختلفة "، بالمحصلة أنجبت إبني (***) وانا لم أكمل الرابعة عشرة من عمري ووالدة عندما يخرج من السجن سيكون عمر إبني 20 عاماً، والخاسر الاكبر في هذه الحكاية هو طفلي. وكذلك أخبرتني الأخصائية الإجتماعية أنهم بعد الولادة أودعوا طفلي في مؤسسة الحسين الإجتماعية لرعاية الأطفال مجهولي النسب، وأيضا أنني لن أتمكن من ضمه لي الا إذا أحضرنا عقد زواج صحيح ورسمي وأنا عمري لا يسمح بذلك فما العمل ؟؟
وتضيف "تضامن" بأن 78% من الأردنيين يؤيدون الزامية نسب الطفل الناشئ عن جريمة جنسية إلى أبيه إذا ثبت نسبه إليه علمياً بغض النظر عن الحالة الزوجية، ووردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، في المقابل بلغت نسبة الأردنيين الذين أجابوا بلا 10.7% فقط. كما أن 40% من الأردنيين يؤيدون بقاء الحمل وإستمراره مع إلزامية إثبات نسب الطفل إلى أبيه الجاني في حال نتج عن الجريمة المرتكبة حمل الضحية.
بعض المجني عليهن أنجبن أطفالاً إعتبروا "غير شرعيين" وتم تسليمهم إلى مؤسسات الرعاية ليشكلوا جيلاً من أطفال يعانون مشكلات غير إنسانية لا لسبب إلا الجريمة التي إرتكبها آباء ينكرونهم ويتخلون عنهم بإسم القانون وبحكم القانون.