ما يقارب 75% او يزيد من اراضي الدول الاردنية هي ملك للخزينة ومعظمها غير مستغل باي طريقة من الطرق , كيف يكون الامر كذلك في دولة تعاني من وضع اقتصادي خانق ولديها من الموارد البشرية والايادي العاملة المؤهلة فائض يسد حاجة دولة مماثلة للاردن في المساحة والسكان , اليس منطقيا في دولة كالاردن ان تستغل كل ما هو متاح من مواردها الجغرافية والبشرية ما يعينها على النهضة الاقتصادية التي هي بأمس الحاجة لها .
على الرغم من ورود نص قانوني ضمن قانون تطوير وادي الاردن(المادة 27) يسمح بتاجير قطع اراضي الخزينة لغايات الاستثمار واقامة المشاريع للافراد والشركات والجمعيات في الامكان المخصص من قبل سلطة وادي الاردن بعد اخذ موافقة مجلس الوزراء على ذلك , الا انه في الحقيقة ذو قيمة محدودة ولا يأتي اكله , يضاف الى ذلك بعض قرارات مجلس الوزراء الخجولة كقرارها الصادر في عام 2015م بالموافقة على اعطاء شركة المطارات الاردنية المملوكة بالكامل للحكومة الحق في استثمار وتأجير الاراضي المملوكة للخزينة الواقعة في محيط مطار الملكة علياء الدولي وفق المخطط الشمولي الذي قامت الشركة بإعداده .
بعض الدول سبقتنا في هذا المضمار , على سبيل المثال في عام 2013م اقر مجلس الوزراء في الجمهورية السورية بناء على توصية اللجنة الاقتصادية الضوابط والمعايير المتعلقة باستثمار اراضي الدولة بهدف انشاء مشاريع عليها سواء زراعية او صناعية او سياحية او خدمية , والتي تضمنت الموافقة على استثمار اراضي الدولة التي لا تزيد عن هكتار (10000)متر مربع , بعقود استثمار يتم تنظيمها من قبل الجهات الحكومية المختصة للمشاريع الزراعية او الصناعية او السياحية او الخدمية لمصلحة الاشخاص الطبيعين او المعنويين او لشركات استثمارية بناء على طلب استثمار يقدم الى الجهة المختصة بذلك , على ان تنظّم عقود الاستثمار للافراد والشركات والجمعيات لمدة 15 سنة , ولشركات القطاع العام لمدة 25 سنة , وتمدد هذه العقود بناء على رغبة الطرفين , اما بدلات الاستثمار فيتم تحديدها بناء على قرار لجنة مختصة حسب طبيعة الارض وموقعها والظروف البيئية لها , على ان لا يقل البدل السنوي لهذا الاستثمار عن 7% من قيمة الاراض اضافة الى نسبة 1% من مجمل الايرادات السنوي للمشروع عند بدء الانتاج او العمل به حسب واقع الحال , والزم بموجب هذه الضوابط والمعايير صاحب المشروع ان يقوم بدفع تأمين نقدي بواقع 5% من قيمة رأس المال لضمان القيام بالمشروع وتعاد اليه عند انجاز المشروع وبدء الانتاج , وعكس ذلك يصادر هذا التأمين في حال عدم تنفيذ المشروع خلال عامين من استلام الارض , مع اعطاء الجهات المختصة الحق بفسخ العقد , وجميع بدلات الايجار ومدخلات الدولة من ايرادات المشاريع والتأمينات المصادرة تذهب الى خزينة الدولة .
اليس حريا بالدولة الاردنية في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم ان تبحث عن مصادر مالية للخزينة غير جيب المواطن المهترء اصلا , اليست اراضي الدولة جزء من مواردها ؟ .
لا شك ان استغلال اراضي الخزينة بطريقة مشابهة لما انتهجته بعض الدول العربية والاجنبية في هذا المضمار وسيلة جديدة لايجاد مدخولات مالية مجزية للخزينة قد تغنيها عن التغول على جيب المواطن عبر فرض الضرائب والرسوم , كما ان اتباع هذه الوسيلة وبكل تأكيد ستعمل على تحريك رؤوس الاموال المحلية المجمدة في البنوك والمصارف وستسهم في خلق فرص عمل جديده وزيادة الانتاج المحلي نحو الاكتفاء الذاتي , بل هي من اهم الوسائل التي تؤدي بنا الى تطبيق نظرية الاعتماد على الذات , وسينعكس كل ذلك على زيادة النمو الاقتصادي وتشجيع الفرص الاستثمارية في الاردن .
من السهل على الحكومة وخاصة انها في الاونة الاخيرة تنعت نفسها بأنها حكومات اقتصادية وتملك فريق اقتصادي متخصص ان تبدأ في التفكير جديا باستغلال اراضي الدولة كرافد اقتصادي لخزينتها وفرص جديده للاستثمار المحلي والخارجي , يتجلى ذلك بسن تشريع بصيغة قانون او نظام يمكن تسميته ( قانون /نظام استثمار اراضي الدولة ), يتم بموجبه تحديد الضوابط والشروط والمعايير المثلى لاستغلال اراضي الخزينة في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وتامين مصادر مالية كبيرة للخزينة تساهم في سد العجوزات المالية التي تعاني منها الدولة عدى عن مساهمتها في تقليص البطالة و تنمية وبناء واستحداث مدن وقرى جديدة وخلق تجمعات اقتصادية منتجة .