تكسي الرشيد .. واشياء اخرى.!
عودة عودة
28-11-2018 11:04 AM
سعدت بعد انهائي دراستي الثانوية التوجيهي العام 1962بالعمل في مكتب تكسي الرشيد في شارع الامير محمد أو شارع وادي السير قرب البريد المركزي وكان من اشهر مكاتب التكسيات في عمان ..لا اظنه على قيد الحياة في هذه الايام....
صاحب مكتب تكسي الرشيد كان مطربشا وانيقا في كلامه و لباسه ، محبا للعلم والثقافة والناس.. تصله جريدة الدفاع الشهيرة في ذلك الزمان و يوميا وفي الصباح الباكر، فيقرؤها من الصفحة الاولى الى الاخيرة ثم يأتي دوري فاقراها.. وكم كان يعجبني مقال رئيس التحرير المرحوم الاستاذ ابراهيم سكجها"ابو باسم"....
عملي الذي اصبحت بعد ايام الامر الناهي.. يبدأ من التاسعة صباحا الى التاسعة مساء ..افطر في منزلي والغداء في مكتب التكسي اتناوله مع صاحب المكتب وعلى حسابه ويؤتى به من مطعم شهير.. والعشاء عند امي التي اعتبرها افضل طباخة في هذه الدنيا الواسعة...
كانت مهمتي ولعدة اشهر ان ارد على الهاتف لاناس من علية القوم في عمان رجالا ونساء يطلبون تكسي معظمها كانت امريكية فخمة ، ليصلوا وعلى عجل الى منازلهم في جبال عمان الراقية اللويبدة وجبل عمان يوصلهم ويرجعهم الى منازلهم..
ذات صباح وانا اتصفح جريدة الدفاع قرات اسمي من المطلوبين للتعيين كمعلمين في وزارة التربية والتعليم وتحديدا في محافظة القدس واشهد ان صاحب المكتب كان اشد مني فرحا فقد اعطاني راتبي كاملا واجبرني مراجعة وزارة التربية وكانت قريبة في طلعة الحايك حينذاك وعلى بعد عشرات الامتار من مكتب تكسي الرشيد ..فطلب مني وكيل الوزارة مراجعة مكتب التربية في القدس غدا..
على عجل ذهبت الى منزلي في جبل الجوفة فاستغرب ابي و امي واخوتي واخواتي عودتي مبكرا فاخبرتهم بانني عينت معلما في القدس وساذهب غدا الى القدس واتذكر ان امي اطلقت زغرودة مدوية لم افهم منها شيئا سوى ان ابنها قد صار استاذا بينما انخرط ابي في البكاء من شدة فرحه..
في اليوم التالي كنت في اول حافلة انطلقت من موقف الحافلات في العبدلي بعمان فوصلت القدس قريبا من مسقط رأسي قرية "الولجة المحتلة 1948 في الثامنة والنصف .. فقابلت مدير التربية الاستاذ عبداللطيف عابدين وزير التربية فيما بعد.. قال لي وهو يصنع كشرة كبيرة..: ساعينك في قرية قطنة هل تعرفها ..، قلت له نعم: واهلها مولعون بالدبكة..! .وسالني : كيف اتيت بهذه المعلومة التي لا اعلمها ..فاجبته : انها من ابي وكان مثلهم دبيكا شهيرا في موسم النبي موسى الي ينطلق كل عام من القدس الى مقام النبي موسى شرقي القدس وقريبا من اريحا.. بعدها ماتت كشرته وحل محلها ضحكة طويلة مال على اثرها طربوشه وكاد ان يسقط على مكتبه الرحب...!
فورا ركبت الحافلة الى قرية قطنة على الخطوط الامامية مع العدو الاسرائيلي فيها مدرسة ابتدائية اصر مدير المدرسة الاستاذ احمد الحايك بعد عشائه الفخم ان انام تلك الليلة في منزلة ..وفي الصباح كنت امام طلابي وهم ىُنشدون :دُمت يا شبل الحسين ..وعائدون عائدون ..أيام كانت جميلة وواعدة..!
Odehodeh1967@gmail.com