الصحافة الإلكترونية الأردنية .. السلطة الخامسة !!
عاصم العابد
12-07-2009 04:07 AM
واقع الحال أن الصحافة الإلكترونية الأردنية ، هي الآن ، سلطة جديدة، وتكاد تكون - أو ستصبح يوما ما - السلطة الرقيبة والحسيبة ، الخامسة ، التي يحسب حسابها الآف المرات، لا يحول دونها ودون أن تصبح سلطة جديدة وقوة مؤثرة، وجود الكثير من الثغرات والهنات المهنية والفنية في بنيانها الناشئ الراهن وعودها الغض الطري.
لقد نمت هذه الصحافة الوطنية، بقدرات أبنائها المالية الشحيحة، ومبادراتهم الذاتية وجهودهم الفردية، فكان طبيعيا، أن تخطىء وتصيب،أن تتعثر وتنهض، أن تحلق وتهوي، أن تبدع وتخفق. لكنها ظلت تتقدم إلى الأمام وتصعد الجبل وتكرس نفسها قوة مهيبة ومرهوبة ومساحة واسعة لحرية الرأي والتعبير إلى الحدود المافوق معقولة ومقبولة أحيانا كثيرة، وستنمو وسيزداد تأثيرها وسترتاد أفاق حرية جديدة، لأن تقدمها وتطورها ارتبط من جانبه التقني بالوعي المجتمعي بأهمية الإنترنت وبالقدرة على شراء خدماته وهي خدمات تزداد توسعا وتنخفض اكلافها بتلاحق سريع جدا.
نتحدث عن صحافة الفضاء الرحب والحرية المطلقة، التي تلامس السماء، وعن قوى المجتمع المدني الأردني الجديدة هذه، وفي بالنا ما أثير من ضجة وتحريض، على هذه الصحافة، وقبلها الصحافة الأسبوعية، وقبلها الصحافة اليومية ! فالصراع على الصحافة ومعها ، لتطويعها واحتوائها وتقييدها وقولبتها، ووضعها في المعطف الحديدي ، هو صراع لن يتوقف ، وهو صراع ، سيزداد ضراوة وشراسة وعنفا، إلى أن يتم الاعتراف، من جانب المجتمع، بقواه السياسية والاقتصادية والإدارية، باللاعب الجديد وحقوقه، في المراقبة والإشراف، وبحصته من المساحة المخصصة ، للقوى الاجتماعية الجديدة وحقوقها المعنوية والمادية.!! وان ما هو مطروح من تحديات، على هذه الصحافة، كبير وجسيم وخطير، ويتوجب، من اجل معرفة المداخل السليمة، والحلول الصحيحة، للإشكالات أو المعضلات تلك، أن تبادر هذه الصحافة، إلى خلق إطارها المصلحي، الناظم لها، والمدافع عن حقوقها، والمخطط لتطورها وتقدمها ونجاحها، وكمدخل لذلك لا بد من '' خلوة ''، يتم خلالها الوقوف بصراحة، على موطن الضعف والخلل، والضحالة والركاكة، وسوء استغلال القراء للثقة والحرية الجديدة الواسعة ،المقدمة لهم، وعدم التحقق والتدقيق، والجنوح أحيانا، إلى مزالق الظلم والافتراء واغتيال الشخصيات ، ومختلف الإشكالات التي يعرفها القائمون على هذه المواقع، والتي تشكل لهم قلقا كبيرا، وتوترا متصلا، وتستنزف طاقتهم، وتربك مسارهم، وتؤلب عليهم الرأي العام، وصناع القرار أحيانا ، بدعوى الافتقار إلى المصداقية.
مفهوم تماما ومعلوم، أن هذه المواقع ، تقع فريسة السرعة، التي لا بد منها، والتي هي واحدة من أعمدة النجاح ، وتدفع ضريبتها، السرعة مع الزمن، ومع الحدث، ومع الآخرين، وكالات انباء أو مواقع زميلة، وتزاحم الأخبار وتراكمها، وضغوطات القراء وانهار تعليقاتهم، والحرص على اجتذابهم وإرضائهم، وضغط المعارضة وبياناتها وتغطية نشاطاتها ومظاهراتها، وضغط الكتاب، الحريصين على كل حرف ونقطة من مقالاتهم ،واتصالات المسئولين وغضبهم أو عتبهم، والحرص على الاحتفاظ بنكهة جاذبة بالكلمة والصورة، والمعاناة من اتصالات المحتجين،..الخ.
إن العاملين في هذا القطاع الإعلامي الخطير،هم فصيل وطني أردني بامتياز، وقوة حجاب ضاربة فعالة مؤثرة ، ليست لها روابط أو اتصالات أجنبية أو خارجية ، تتقدم وتتطوع للدفاع عن الوطن دون رهبة أو مجاملة ، ومن الإنصاف أن يتم التعامل معهم والنظر إليهم من الأفق الوطني الشامل لا من الثقب الضيق المتصل بخطأ هنا أو ثغرة هناك. فهذه الصحافة الوطنية، تربك قوى الفساد، لا بل ترهبهم، وتضع قرارات المسئولين، تحت إضاءة كاشفة ساطعة، وتحت رقابة الرأي العام المباشرة الصارمة، وهي قوة دعم للمؤسسات الدستورية وإضافة إثراء لها لحرية التعبير والحريات العامة.
إن هذه السلطة الجديدة ، تعرف ما لها وما عليها، وتعرف أن المصداقية ، هي ركن متين من أركان قوتها ومنعتها ورسوخها ، وتعرف أهمية تطوير بنيتها المهنية الداخلية ، وتعزيز تقاليد الدقة والحيادية والتقصي والتنقيب والتحقيق الصحفي ، وتعرف أن ما تنشره سريع الانتشار، فهي مواقع مقروءة في كل العالم ، والصورة التي تنقلها عن بلدنا ، هي مسؤولية وأمانة ، فخطأ طبيب ، لا ينبغي أن يعمم ، فيمس قطاعنا الطبي المفخرة، ووقوع سرقة لا يعني فلتان الأمن الذي نعتز بحرفيته وكفاءته ، واكتشاف مواد غذائية منتهية الصلاحية لا يعني أن طعامنا فاسد. ونحن على ثقة من أن هذه الصحافة الوطنية، وهي تراقب وقائع الحياة في الوطن الحبيب، تراقب أداءها في الوقت نفسه، وتعمل على تصويبه وتطويره وتحديثه.
الراي