لماذا نُصَدّق الأخبار الكاذبة؟
سليمان الطعاني
27-11-2018 02:20 PM
بمجرد انتشار أي خبر، ستجد هناك متبرعين كثر يتداولونه بسرعة البرق دون التأكد من مصدره أو صحة محتواه، وستجد فريقاً آخر يكذبونه فور سماعهم له او قراءتهم له أو في أضعف الإيمان ينتظرون الخبر اليقين.
لابد أن جميعنا لاحظ أن الأخبار الكاذبة والمزيفة أصبحت أحد ظواهر عصر الشبكات الاجتماعية والتواصل السريع الذي نعيشه هذه الأيام وبلا حدود، كم مرة تسمع بأخبار مخيفة أو شائعات غريبة لتكتشف لاحقاً أنها أكاذيب لا أساس لها من الصحة.
لم يشهد هذا النوع من الاخبار انتشاراً واسع النطاق مثلما نشهده هذه الأيام حيث أدى اقتحام شبكات التواصل الاجتماعي لحياتنا الى انتشار الأخبار بسرعة فائقة لتصبح الأخبار الكاذبة واحدة من أكثر المشاكل الحاحاً في عصر الانترنت.
ولكن ما الذي يجعلنا أكثر قابلية لتصديق الأخبار الزائفة؟ وكيف يمكننا حماية أنفسنا منها؟
يشير البروفسور مارك وايتمور الأستاذ المساعد بجامعة كينت الأمريكية إلى ما يُسمى “انحياز التصديق” أو الانحياز التأكيدي Confirmation Bias، باعتباره السبب الرئيسي وراء انجذابنا للأخبار الكاذبة. ويعني هذا المصطلح ميل الناس لتصديق وقبول المعلومات التي تؤكد قناعاتهم المسبقة وتعززها، وتؤكد في الوقت نفسه رفضهم وتجاهلهم للمعلومات التي تتعارض مع معتقداتهم وتسبب لهم صراعًا وتختبر قناعاتهم وتضعها على المحك. فالدماغ يحتاج لتلقي معلومات تنسجم وتتفق مع الرؤى والقناعات الموجودة مسبقًا لدى الفرد. مؤكداً وايتمور أنّ هذا الانحياز يتكوّن في عمر مبكّر عند الانسان، كما هو حال الطفل الذي يتعلّم التمييز بين الخيال والواقع.
وهذا ما اتفق معه فيه «ناثان هيفليك»، المحاضر بجامعة لينكولن في بريطانيا، متحدثًا عن الواقعية الساذجة، التي تجعل الناس يظنون أنهم مفكرون، ولذلك يصدقون كل ما يتفق مع ما يرونه أو يسمعونه من أخبار. مبيناً أن النفس البشرية والانحيازيات المعرفية والتعصب الأعمى والشك والميول المختلفة كلها تلعب دوراً حاسماً لدى بعض الأشخاص في نشر الأخبار الزائفة أو تصديقها أو ترويجها حيث يكون الشحن العاطفي والمواقف الشخصية وتغييب الحقيقة وإقناع الناس بنقيضها أهم بكثير لديهم من الحقائق الموضوعية.
وبعد، فإن الأخبار الكاذبة تحفز فضول الأفراد على البحث عن مصادرها والرد عليها والتفاعل معها بحماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تدعو الى الدهشة أو الخوف أو الاشمئزاز، مما يسهم في انتشارها على نطاق واسع وتصديقها من قبل قطاعات واسعة من الناس. أما الأخبار الحقيقية فلكونها تثير مشاعر الحزن والترقب والقلق والفرح والثقة... ولا تحفز على الفضول ولا البحث ولا التقصّي، فانها لا تنتشر بالسرعة التي تنتشر فيها الاخبار الكاذبة ولا يرغب الجمهور أصلاً في تداولها ...
ونحن إذ نتفق مع العلوم في هذا المجال والباحثين، على كراهيتنا للأخبار المزيفة، ونريد أن تكون كل الأخبار التي نتعاطف معها حقيقية 100%، ولا ريب فيها لكن وفقا لدراسات علم النفس فإن الناس لن يتوقفوا أبداً عن تصديق الأخبار التي تتفق مع آرائهم الشخصية وميولهم ورغباتهم.