حين تنزوي الصحافة لصالح «الفيسبوك»
علي سعادة
27-11-2018 02:00 AM
ثمة نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كشفوا الكثير من عورات الصحافة من عدم الاكتراث واللامبالاة (..) ربما ليسوا صحفيين بالمعنى التقني، ربما لا يستطيعون كتابة خبر صحافي يتضمن أسئلة الصحافة الخمسة «ماذا ومن ومتى وأين ولماذا».
ربما لا يمتلكون القدرة على فهم الهرم المقلوب في الكتابة الصحفية، ربما لا تتوفر لهم صحف أو وسائل إعلام لشرح وجهات نظرهم، ربما، وربما. لكنهم بالتأكيد سادة مواقع التواصل الاجتماعي، لا يحتاجون لبساط الصحافة الأحمر الزائف ليفرش لهم، منبرهم الوحيد صفحاتهم على مواقع «تويتر» و»فيسبوك» و»أنستغرام» و»لينكد إن» وغيرها.
قد تفلت من بين أصابعهم تعليقات غير مناسبة ومزعجة تمزق النسيج الاجتماعي، يكتبها بعض الأصدقاء على صفحاتهم، وربما يدفعهم الحماس أحيانا إلى نشر خبر أو صورة أو فيديو على نحو متسرع بدافع عاطفي أو غيرة وطنية، لكنهم في نهاية الأمر يعودون إلى الخط المستقيم، وإلى الحقيقة.
حتى تصبح صحفيا جيدا ومحترما أنت تحتاج فقط إلى الفضول والشجاعة، وأن تكتب ما يمليه عليك ضميرك وليس رئيس التحرير، أن تكتب ما تفكر فيه بقلبك وعقلك دون تفكير بالعواقب.
إلى النشطاء، ربما لستم صحفيين أو إعلاميين أو كتابا محترفين، لكني حين أدخل على مواقع التواصل الاجتماعي أبحث عنكم، لا أكلف نفسي عناء البحث عن أي صحفي أو كاتب محترف يختبئ خلف رئيس التحرير، وبالضرورة يتحصن خلف جهة ما أو مصلحة هنا أو هناك.
صديقاتي وأصدقائي النشطاء، دون ذكر الأسماء، لكنكم تعرفون محبتي تماما، واصلوا الكتابة بشغف، فأنتم وحدكم ملوك الحقيقة، لا تقعوا تحت إغواء وإغراء النشر المتسرع، تمهلوا حتى تحصلوا على صورة كاملة لما يجري، لأن ما تكتبونه ضروري لنشر الوعي، وسأنتظر، بشكل شخصي، ما تكتبونه.
ظهور نشطاء مواقع التواصل يعني بالضرورة أن عهد الصحفي التقليدي يوشك على الانقراض، لأته ترك مكانه بملء إرادته لصالح نشطاء سعوا بشكل حثيث إلى اخذ مكان الصحفي لكن دون أن يمتلكوا أدواته.
حين ينسحب الصحفي ويتخلى عن مسؤولياته وعن دوره في نشر الحقيقة والدفاع عن مصالح الناس وعن صورة الوطن، لن يترك مكانه فارغا سيأتي بعد قليل من يملأ المكان لكن ببضاعة تضم الغث والسمين، تماما كحال الصحفة الآن التي باتت مصبا لكلام ثمين أو طبل أجوف.
السبيل.