اللقاء الامبراطوري الياباني والملكي الاردني ومضات مع تنحي الامبراطور
د.محمد ابودية معتوق
27-11-2018 01:34 AM
التقي جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم بامبراطور اليابان اكيهيتو وقد يكون اللقاء الاخير للامبراطور بصفته السمية كرمز للدولة اليابانية ، اذ ان الامبراطور الياباني سيتنحى عن الحكم في 30 نبسان العام القادم 2019 ، وذلك لاسباب صحية ولتقدمه في العمر (84 عاما) الذي اصبح يمنعه عن القيام بامهتمه اليومية . ويعد الامبراطور اكيهيتو في الحكم الياباني صاحب الرقم 125 اذ تستلم زمام الحكم في السابع من كانون ثاني عام 1989 بعد وفاة والده الامبراطور هيروهيتو . واليابان لها تقليد خاص في استخدام التأريخ الرسمي الذي يبدأ عادة بالسنة الاولى لحكم الامبراطور فقط اطلق على بداية حقبة الامبراطور اكيهيتو بعهد هيسييه اي عهد السلام وبذلك كانت سنة 1989 في التأريخ الياباني هيسييه 1 اي السنة الاولى في حكم الامبراطور واطلق على بداية عهده هيسييه اي عهد السلام تيمنيا ببداية حقبة كلها سلام بعد ان كانت حقبة الامبراطور هيروهيتو (1901-1989) قد عاصرت الحروب العالمية الاولى والثانية وفي عهده خاضت اليابان عدة حروب في منطقة شرق اسيا.
والامبراطور اكيهيتو ولد في 23 كانون الاول عام 1933 وتاتي الزيارة الملكية في ذكرى ميلاده الرابع والثمانين وهو اليوم هو عطلة رسمية في اليابان .
ان تنازل الامبراطور عن الحكم يعتبر الاول منذ 200 عام وتعتبر العائلة الامبراطورية في اليابان من اعرق العائلات في تاريخ الحكم السياسي واكثرها استمرارا في خط ممتد من الاب الى الابن ، وتمتاز العائلة الحاكمة بقلة عددها اذ يبلغ افراد العائلة الكافة 23 فردا ومعظمهم من كبار السن وسيخلف الامبراطور ابنه ولي العهد الامير ناروهيتو (58 عاما) الابن الاكبر ويليه في الحكم اخوه الامير اكيشينو (52 عاما) وهو الولد الثالث في الخلافة والوحيد في جيل الشباب من العائلة الإمبراطورية اما اخته الاميرة ساياكو (54 عاما) لا تمنح حق الحكم لانها تزوجت من الطبقة العامة وفقدت لقب الاميرة واصبحت مواطنة يابانية تتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها اي مواطن ياباني وتم منحها مبلغ من المال لمواصلة حياتها الاعتيادية بعد ان قررت التنازل عن كاة حقوقها الإمبراطورية، . وقد يتسائل البعض لماذا هذا التصرف . ان الامبراطور في اليابان ويسمى (تينو) وتعني حرفيا "سيادة السماء" ويشار إليه رسميا باسم ميكادو وهو إمبراطور دولة اليابان، وقائد الدولة، وعميد العائلة الإمبراطورية اليابانية، كما أنه أعلى سلطة لديانة الشينتو، ويعتبر بحسب تعريف الدستور الياباني الحديث على أنه "رمز للدولة ولوحدة الشعب" ولا يتعدى دوره الدور الرمزي في نظام الملكية الدستورية اي ان رمزيته لها مدلول ديني ولا يحق لاحد بهذا التميز الديني الا من هم من سلالة الشباب . ولا تمنح المراة مثل هذا التميز الديني وعلى الرغم ان الامير ناروهيتو سيكون الحاكم الفعلي لليابان الا انه لن يورث الحكم لابنته الوحيدة ايكو (16 عاما) اي ان ولي العهد سيكون اخوه الامير اكيشينو والذي سيورث الحكم لابنه الامير هيساهيتو البالغ 11 عاما . ويعتقد الكثير ان الحكم الامبراطوري في اليابان سيكون في خطر لتقلص عدد العائلة المالكة ولغياب الشباب في العائلة.
ومما لا يعرفه الكثيرون عن الامبراطور اكيهيتو انه عالم احياء وله اهتمام كبير بالعلم ومنذ بداية عهده اخذ على دعوة العلماء الى قصره لالقاء محاضرات علمية اذا عرفنا ان الامبراطور نفسه كتب اكثر من 38 بحثا علميا عن الاسماك وما ارتبط بها من قنديل البحر والانواع المكتشفة حاليا .
والامبراطور اكيهيتو يعتبر اول من تزوج من عامة الشعب وخرق البرتوكول المتعارف عليه عبر التاريخ الامبراطوري بان يكون للامبراطور زوجة من اعرق العائلات بالاضافة الى عدة محظيات وتعرف على الامبراطورة ميتشيكو في ملعب تنس وتزوج منها ، مما شجع ايضا ابنه الامير ناروهيتو ولي من ان يتزوج من الاميرة ماساكو (54 عاما) وهي ايضا من عامة الشعب وكانت تعمل دبلوماسية في وزارة الخارجية اليابانية والتي دخلت في صراع نفسي طويل ادى الى ابتعادها عن الاضواء بسبب الضغوط لانجاب ابن يحافظ على الحكم لامبراطوري.
ومما يعرف عن الامبراطور اكيهيتو انه قليل الحديث بشكل رسمي وغالبا يتحدث الامبراطور في عيد ميلاده والخطاب السنوي في بداية كل عام فقط ، ولم يوجه الامبراطور اي خطاب رسمي عبر التلفاز الا مرة واحدة في عام 2011 والذي اعاد الى اذهان اليابانيين ذكرى خطاب والده الذي اعلن به الاستسلام بعد الحرب مما دفع الكثير من اليابانيين الى الركوع والانحناء مع سماع صوت الامبراطور بعد فترة زمنية طويلة .
وتبقى مسالة تنحي الامبراطور وهو ما يزال على قيد الحياة معضلة كبيرة للحكومة اليابانية اذ ان الامبراطور له مخصصات سنوية بصفته الرسمية وان هذه المخصصات هي للامبراطور وبذلك سيتضارب مع المسمى الرسمي لابنه واخذت الحكومة على عاتقها دراسة الية صرف مخصصات مالية للامبراطور بعد تنحيه والصفة التي سيتم صرف مثل هذه المستحقات وتوصل البرلمان والحكومة الى الغاء التسمية الرسمية من تينو -الامبراطور- الى جوكو- وهي تعني اختصارا لكلمة (دايجو تينو اي الامبراطور المتقاعد)
وقد تاتي هذه الزيارة الملكية للتعبير عن شكر وتقدير المملكة لما تقدمه اليابان من دعم مطلق الى الاردن نظرا لما تحظى به العلاقات الاردنية اليابانية المتميزة تاريخيا وعلى المستوى الملكي والامبراطوري وتهنئة للامبراطور القادم للتعبير عن مواصلة العلاقات الاردنية -اليابانية العميقة والتطلع الى مستقبل مشرق للبلدين .
نهنئ الامبراطور الياباني بعيد ميلاده ونتمنى له حياة هادئة وصحة وعافية بعد مسيرة من العطاء والفناء للدولة اليابانية والتي قدم خلالها اروع واسمى الامثلة على الحكمة والقيادة المميزة لحقبة مميزة ايضا جعلته يحظى بحب واحترام ليس اليابانيين بحسب بل معظم الدول الصديقة لليابان