ليس من الواضح لا بل المؤكد أنه أسهل على حركة «حماس» أن تتفاوض مع الإسرائيليين وتتفق معهم على عملية «تهدئة» والتهدئة هي الطريق إلى المصالحة بعد وقف لإطلاق النار من أن تتفاوض مع حركة «فتح» وتبرم معها مثل هذا الإتفاق نفسه أي إتفاق «هدنة» دائمة أو مؤقتة فالقرار بالنسبة لهذا الأمر ليس قرار هذه الحركة وإنما قرار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي من المعروف أن خالد مشعل عضو صاحب قرار فيه.
لو عددنا المرات التي توجهت فيها الحركتان، حركة «فتح» وحركة «حماس» إلى القاهرة بحثاً عن تهدئة بينهما كالتهدئة التي توصلت إليها حركة المقاومة الإسلامية مع ما تسميه :»العدو الصهيوني» لوجدنا أنّ مفاوضات باريس الشهيرة بين الفيتناميين وبين الأميركيين لم تستغرق كل هذا الوقت الذي إستغرقته المفاوضات الفلسطينية – الفلسطينية والصحيح أنها مفاوضات فلسطينية مع جهة دولية أو عالمية هي صاحبة مثل هذا القرار والمقصود هنا هو التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي «يمون» فيه الشيخ يوسف القرضاوي أكثر كثيراً مما «يمون» خالد مشعل وإسماعيل هنية أو حتى هذه الحركة الإخوانية بقضها .. وقضيضها!!.
لقد توجهت الحركتان «فتح» و»حماس» وبالوجوه نفسها إلى القاهرة تحت ضغط مصر «كثر الله خيرها» للبحث عن مصالحة كانت حركة المقاومة الإسلامية قد إرتدت عليها بإنقلاب عام 2007 الدموي.. لا بل والهمجي الذي كان رداًّ إيرانيا على إتفاق مكة المكرمة الشهير الذي كان أُبرم بين الطرفين برعاية الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ويقيناً أن إيران لا تزال لاعباً رئيسياً في هذه الساحة الفلسطينية وأكثر كثيراً من أي دولة عربية.
وهكذا وحتى وإن تبادل الأخ عزام الأحمد العناق الحار مع إسماعيل هنية أو غيره من قادة «حماس» فإنه لن يكون هناك أي إنجاز فعليٍّ إلاّ هذا العناق كالعادة فالحركتان لا تسيران على طريق واحد وحركة المقاومة الإسلامية التي إلتحقت بالمسيرة النضالية الفلسطينية بعد إثنين وعشرين عاماً كممثلة للإخوان المسلمين بقي يطاردها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار) رحمه الله كل تلك السنوات الطويلة أي منذ عام 1987 وحتى وفاته لكنه لم يحرز تقدماً ولو بمقدار خطوة واحدة على طريق إنضواء هذه الحركة في وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية.
إنه لا أمل لا «بمصالحة» ولا «بتهدئة» بين الحركتين فحركة «حماس» ذهبت إلى القاهرة هذه المرة وبيدها ما تعتبره إنتصاراً في حرب غزة الأخيرة وهي بالتأكيد ستقول لممثلي حركة «فتح» وأيضاً لممثلي الدولة الداعية المضيفة إنّ القرار الفلسطيني ليس في أيدي «المفاوضين» وإنما في أيدي «المقاتلين» ويقيناً أن هذا هو سر وهدف هذه الحرب التي إعتبرها بعض المشاكسين حرباً «تحريكية» وليست حرباً «تحريرية» وأن هدفها هو تعزيز المواقع في مفاوضات «التهدئة» مع الإسرائيليين التي يرى البعض أنها الطريق إلى «صفقة القرن» التي كان أعلنها دونالد ترمب لكن بنيامين نتنياهو إنحرف بها بإتجاه «القطاع» وبعيداً عن الضفة الغربية.
الراي