هَلْ يكره العرب والمسلمون الْحَياة؟
د. محمود أبو فروة الرجبي
26-11-2018 06:11 PM
كانَ تفسير جورج بوش الأب والابن لحالة العداء الَّتِي يكنها بَعْض المسلمين للغربِ بأنهم يكرهون الْحَياة، ويعادون التفوق والنجاح الأمريكي، وهَذَا ليْسَ صحيحًا إلى حد بَعِيد، فالغالبية العظمى من العرب والمسلمين يحبون الْحَياة، وهم مثلهم مثل الشعوب الأخرى يتطلعون إلى التقدم والتطور، والعيش بسعادة وسلام، وَلَكِنَّهُمْ وَحِينما يرون آلة القتل الصهيونية تنهش بالمسالمين الفلسطينيين، وتقتل الآلاف مِنْهُم بدم بارد، وتمنع طلبة المدارس من الوُصُوْل بسلاسة إليْهَا، وتبني جدارا للعزل العنصري لا يُمْكِنُ لعقل مدني أن يتصور أنه ما زالَ مَوْجودًا فِي القرن الحادي وَالعِشْرين، وتضع مئات الأطْفال قيد الاعتقال، والتعذيب، وَعِنْدَمَا يتفق المجتمع الدولي عَلَى إدانة القتل، والتعذيب واستعمال الأسلحة المحرمة دوليًا فإن الولايات المتحدة فَقَطْ من تستعمل حق النقض الفيتو، وتدعم "إسرائيل"، ولا يهتز لَهَا وجدان وَهِيَ تُشاهِد الفيديوهات وصور الأطْفال القتلى.
العرب والمسلمون لا يكرهون التطور، والديمقراطية وَحُقُوق الإنسان، والدليل أن غالبيتهم يَحْلُمُونَ بالهجرة إلى الغرب، والتمتع بالرفاهية التي تقدمها حكوماتها لشعوبها، وبالعدل، وعدم التمييز، وَلَكِنَّهُمْ فِي الوَقْت نَفْسه يكرهون سياسة الكيل بمكيالين.
وإلى إحصائيات غربية تؤكد ما نَذْهَب إليه من حب العرب والمسلمين لِلْحَياةِ، فَقَد أجرت مؤسسة غالوب عشرات الآلاف من المقابلات المباشرة فِي أكثر من خَمْسَة وثلاثين بلدًا إسلاميًا بَيْنَ العامين 2001 و2007م ووصلت إلى نتيجة صادمة وَهِيَ أن أكثر من 90% من المستطلع آراؤهم ادانت قتل غير المقاتلين عَلَى أساس ديني.
وَفِي المقابل أظهرت دراسة بيو – وهُوَ مَرْكز أبحاث أمريكي فِي واشنطن- فِي العام 2005 عَلَى سبعة عشر ألف شَخْص فِي سبعة عشر بلدًا إسلامياً أن دعم الإرهاب آخذ فِي الانخفاض، وأراهن عَلَى أنه لَوْ أجريت أبحاث عَلَى من يؤيد الإرهاب فِي العالم الإسلامي سيجدونهم نسبة قليلة جدًا، وإذا بحثنا عَن أسباب ذلِكَ فَهِي ردة فعل عَلَى القهر والعدوان، وإن كنا لا نشجع مثل هَذَا التأييد مهما كانَت الظروف، وَلَكِن ردود النَّاس عَلَى الظلم لا تتشابه، وَلَوْ نظرنا إلى الغرب نَفْسه، فإن هُنَاكَ انتصارات لليمين المتطرف الَّذِي يدعم أفكارًا غير ديمقراطية فِي كَثِير من الدُّوَل، وَربَّمَا تزيد نسبة مؤيديهم عَن نسبة مؤيدي الإرهاب والتطرف فِي العالم الإسلامي، رغم عيشهم فِي ظل حكومات ديمقراطية تراعي حقوقهم.
العرب والمسلمون يحبون الْحَياة، ويكرهون العُنْف والتطرف، وَلا بُدَّ من دراسة الأسباب الَّتِي تجعل البعض يؤيد الإرهاب حَتْى نزيل ذلِكَ، ونؤكد للمرة الألف أن العرب والمسلمين يستحقون الْحَياة الأفضل مثلهم مثل إخوتهم فِي البشرية فِي جَمِيع أنحاء العالم.
Mrajaby1971@gmail.com