العصابة الفاسدة .. متى ستعصب أعينهم
11-07-2009 01:04 PM
سأبقى أكتب ، أنا والشرفاء من بني بلدي ، بأعواد الثقاب حتى أحرق بالحروف رؤوس الفاسدين ، البائعين لنا الأحلام ، الكاذبين ، المرتجفين خوفا من مقالة لكاتب ، أو خبر لصحفي أو كلمة حق لرجل متبتل راهب ، أولئك الفاسدين الذين أكلوا أنعامنا بجلودها وشعرها وريشها ، وبلادنا وترابها وكراسيها ، وكادوا ان يسرقوا رحمة ربنا التي نراهن عليها لخلاصنا .
والأنكى إنهم سرقوا " قلب حبيبتنا " بعد غربتنا فيها سنين طويلة نقاتل من أجلها ، فحاربتنا ، ونجوع لنشبعها ونخاف لتأمن .. فأحبتهم وكرهتنا .
في بلادي .. تعددت أوجه الفساد من مالي إلى إداري إلى سياسي .. إلى ماشاءت العصابة .. و يبدو أن هناك أناس يشبهوننا يتنفسون هوائنا ، ويشربون ماءنا ، ويعيشون بيننا ، ولكنهم ليسوا منا نحن الشعب المتهالك .. أتخيلهم كالجن وجودهم حقيقة ورؤيتهم مستحيلة نسمع بهم ولا نراهم ، عرفوا كيف يلعبون بالأوطان وقيم الإنسان لمصلحة أنفسهم ومصالح أولادهم ونسائهم كما يلعب البائع الغشاش المطفف بالميزان .. هؤلاء لا بل أولئك البعداء من البشر الأنيق ، أجزم أن يد العدالة قصيرة جدا أمامهم وإن طالتهم فهي تأتيهم مصافحة بحرارة مرتجفة خوفا من لاشيء فقط لأن يد العدالة يستخدمها جسد متهاو تعبا وهرما .
لا يمكن ان نحس بالاعتزاز وبالثقة وبالإخلاص إن لم نكن شركاء في الابتسامة كما نحن شركاء قسرا في الدموع ودفع الديات في جرائم لم نرتكبها .. و للعلم هناك أيضا فئة من بلدي شركاء مضاربين لهم في المربح وليس لهم في الخسارة ، نبتوا كالشوك ، هبطوا كقطع النيزك ، أثـرّوا دون عمل أو تركة ، وأثّروا على الناس دون سلطة دستورية ولا قانونية ، ولا روافع عائلية أو عشائرية .. الطفل في أحضانهم يبذخ بما يكفي قرية بأكملها ، و حارة بشيبها وشبابها ، ومخيم برجاله ونساءه .. ويبقى الفساد ليس له منسب أو هوية ، لقيط لقاطة ضمير صاحبه .
في الأردن لا نسمع عن فاسد تاب وأناب ورمى طمعه وراء ظهره وأقبل على المدعي العام طائعا ليعترف بذنب اقترفه ، وبسحت ملأ بطنه وبطون أولاده وبناته وأصهاره وأعوانه وأخدانه ، ومن والاه .. ثم قال هاؤم أقرءوا اعترافي فأنا العبد الذليل جئت الى دنياكم الأردنية ليس لي من المال ما أصلح به أسناني التي نخرها السوس ، وبفضل غباء أهل هذه المدينة وسذاجتهم وفساد مسؤولين ذاقوا طعم الحرام قبلي أصبحت أحد ساداتها وسدنة بيت أموالها وعضوا في مجلس وزرائها .
لقد أصلحت بمالكم أسناني ، وشحذتها فأكلت لحوم أطفالكم وتمضمضت بدماء نساءكم وافترشت أعراض الضعفاء والمحتاجين منكم فساومت الصبايا بالعطايا وفتحت أبواب المفاسد بالهدايا ، ومرّرّت بأموال كانت لكم اتفاقيات عليكم ، لا يقبلها عاقل ولا أدني مواطن "هامل " ، وقبضت العمولات لتمرير الصفقات ، وأحلت العطاءات على شركات المحاسيب والمعازيب أصحاب الحفلات النرجسية المخمليات ، ومنحت للأصدقاء وشركاء الليل و" امتطاء الخيل " الموافقات و التراخيص وأعطيت لهذا الشعب الأبيّ ، وأنا أضحك ملئ الفم ، مزيدا من "البعا... " .. وأنا يا سيدي القاضي ما كنت ظاناّ بهم إلا أنهم يستحقون ، لأنهم عن الحق معرضون ، وعلى أخطاءنا راضين ، وعن "البلاوي" صامتين ، يشتموننا في مجالسهم ، وفي مجالسنا يصفقون ويمدحون ويشكرون الله على أن سخرنا لهم مخططون منفذون ولرؤوسنا مقبّلين .
لم يسعدنا هذا الشقاء بهم يوما لنرى أحدهم يقف قائلا : يا سيدي القاضي طهرني على ما أفسدت في قضائكم وما غيرت في أحكامكم وما ظلمت من الأبرياء ،وما جندت من هؤلاء ضد هؤلاء وأسعرت نار الصحافة الصفراء .. ولمعت من الأسماء الحمراء والسوداء فجعلتها في عرف الأغبياء أصفى من حليب الأمهات وأنقى من ماء السماء ، بل وأنصع بياضا من الثلوج البيضاء .
يا سيدي القاضي انا الشيطان الذي اعتمر عمامة الأتقياء ولبس ثوب السادة الأنقياء .. أنا الهمزة المهملة التي ظنت نفسها يوما خطاب الشريعة وقانون الأمة فوقفت بكل نزق فوق الرؤوس تنادي أنا حرفكم الأول أنا أصل الكلام أنا الألف وأنتم الياء أيها البلهاء ، فهل نحن حقا أولئك البلهاء ؟؟
أين هو هذا المسؤول الفاسد الذي تاب ؟ .. وهل هناك في بلدي ودولتي نزاهة وقوة للحق والحقيقة ، ومحاربة للفساد .. وقطف لرؤوس الأوغاد ؟ إذا فليحال تقرير ديوان المحاسبة المعروض على مجلس النواب الى محكمة أمن الدولة لتنظر بشأن هذا الإرهاب وهذا العدو الذي فسد وأفسد ثم غاب وكأننا في غاب .
فالإرهاب ليس طعن مخبول لسائح ، مس في جرمه سمعة السياحة في البلاد .. بل هو طعن هذا الوطن كل يوم بصفقة تمر من تحت فراش .. وبيع لمقدرات المواطن "الكحيان " الفرّاش أبن الفرّاش .. وبناء منازلهم على قبورنا .. يجب ان تفتح كل الملفات في جميع الدوائر والوزارات وأن يحطم جدار الصمت العظيم الذي يفصل بين الحقيقة وبين تلك الملفات النائمات في القاصات الماكنات المستمكنات التي تركت ليوم آت .. وهو ليس بآت .
Royal430@hotmail.com